الأعمال والعبادات الجزء السابع

إعداد / محمــــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع الأعمال والعبادات، وبقي من القواعد فى الحلال والحرام هو إن اتقاء الشبهات سبيل لاتقاء الحرمات، فإذا وقع الإنسان في شبهة كان إلى ما استبان من الحرام أوقع، وإن ترك الشبهة كان إلى ما استبان من الحرام أترك، فأنت حين تدع الشبهات فقد جعلت بينك وبين الحرام سياجا، فالكل يعلم أن الحلال بين والحرام بين، وأنه ليس في الحلال البين ولا الحرام البين مشكلة، ولكن المشكلة في هذه المنطقة بين الحلال البين والحرام البين، وهذه الشبهات، فالشبهات لا يعلمها كثير من الناس، وهل معنى هذا الكلام أن الكل لا يعلمها؟ لا،لا يعلمها عامة الناس لكن الله عز وجل اختص أهل الذكر بمعرفتها، فقال تعالى فى سورة النحل ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”

فالشبهات مجهولة عند عوام الناس، لذلك قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه البخارى عن النعمان بن بشير رضى الله عنهما ” الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يدرى كثير من الناس، أمن الحلال هى أم من الحرام، فمن تركها استبراء لدينه وعرضه، فقد سلم، ومن واقع شيئا منها يوشك أن يواقع الحرام” فأحيانا نجد في قضية شرعية دليلا يمكن أن يجعلها حلالا، وهناك دليل بقوته يمكن أن يجعلها حراما، ماذا تفعل أنت؟ الأحوط تركها، لأن هناك دليلا يجعلها حلالا، ودليلا آخر يجعلها حراما، فالأكمل أن تدعها، لذلك الورع دائما يسلك سبيل الاحتياط، الأحوط خذ الأحوط تكن فى حرز حريز.

وقد تحدثنا فى قواعد الحلال والحرام عن اتقاء الشبهات، وأن الحرام حرام على الجميع، وأن التحايل على الحرام حرام، وأن النية الحسنة لا تجعل الحرام حلالا، وأن فى الحلال ما يغنى عن الحرام، وما أدى إلى حرام فهو حرام، وهذه كلها قواعد أساسية فى الحلال والحرام، وإن نسبة الأشياء المحرمة إلى الأشياء المحللة نسبة ضئيلة جدا، ومع ذلك رحمة بالخلق، ومراعاة لضعف الإنسان أحيانا، الله عز وجل في أربع مواضع في كتاب الله قال تعالى فى سورة البقرة ” فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم” وخصوصا في الأطعمة، فما معنى غير باغ؟ فأى إنسان أحيانا يشرف على الموت له أن يأكل لحم الخنزير، هو لا يبغى أن يأكله.

لا يتمنى أن يأكله، لا يريد أن يأكله، ولكن أكله مضطرا، فإذا أكله مضطرا هل يأكل منه حتى يشبع؟ لا، يأكل منه القدر الذى يبقيه حيا، لا يتجاوز الحد الذى هو مضطر إليه، وهناك أشخاص إن أخذ ربا يتبحبح فيها، لذلك قالوا الضرورة تقدر بقدرها، ولو إنسان مضطر أن يأكل لحم خنزير، كم لقمة يأكل حتى يزول عنه خطر الموت؟ ليس حتى يشبع، وهنا معنى ” فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم” فلا يبغى أن يعصى الله، ولا يبغي التمتع بهذا الحرام، ولا يريد أن يتجاوز الحد الذى ينجيه من الهلاك، وهذا معنى قوله تعالى” فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه” فإن الضرورة التي تبيح المحظور هي الضرورة التي تقدر بقدرها دون أن تزيد عليها.

وتوجد قاعدة أصولية تقول إذا بلغ على يقينك أنك وأهلك ومن تعول سيهلكون من الجوع أو العرى أو التشرد عندئذ الضرورات تبيح المحظورات، لكن ما رأيت قاعدة توسع بها الناس وشدوها إلى مصالحهم مثل هذه القاعدة، فيكون ليس مضطرا إلى هذا الشيء ويتوسع به توسعة، فالرفاهية عنده ضرورة، والسفر ضرورة، وفرش البيت ضرورة، ويقول أنا مضطر، ولكن اسأل من المضطر؟ فأريد بشكل قاطع أن تعلموا من هو المضطر، فهو من غلب على يقينه أنه هالك هو وأهله من الجوع أو العرى أو التشرد، فهذا هو المضطر الذي تباح له المحظورات، وإن العلماء صنفوا الحاجات إلى ثلاثة أقسام وهى ضرورات، وحاجات، وتحسينات.

الأعمال والعبادات " الجزء السابع
Comments (0)
Add Comment