الأعمال والعبادات الجزء الرابع

إعداد / محمــــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع الأعمال والعبادات، وإن كل ما أعان على الحرام فهو حرام، وإذا روج الإنسان أو أعلن عن بضاعة محرمة فهو روج لها، وقال تعالى فى سورة المائدة ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” ما كان سببا كافيا، أو ما كان سببا غير كاف، أو ما كان معينا، أو ما كان مروجا، أو ما كان موضحا، فكل ما أعان على الحرام فهو حرام، وهى قاعدة أساسية، وأيضا فإن النية الحسنة لا تبرر الحرام، فإن هناك أشخاص كثيرون يقولون، النية الطيبة، لا تكفى، والنية الطيبة شيء عظيم في الإسلام، فعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إِنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى” رواه البخارى.

ولا تنسوا أن المباحات والعادات بالنوايا الطيبة تغدو عبادات، فإذا الإنسان أكل الطعام وهل فى الأرض كلها إنسان لا يأكل؟ فالمؤمن إذا أكل الطعام بنية التقوى على طاعة الله فهو عبادة، وإذا ارتدى ثيابا بنية أن يظهر كمسلم بمظهر لائق فهو عبادة، فالمسلم له معاملة خاصة، نواياه الطيبة، ومعرفته بالله عز وجل، تجعل كل أعماله المباحة والمألوفة عبادات، هذه هي ناحية قيمة النية في العمل، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول فى الحديث الذى رواه مسلم، عن أبى ذر الغفارى رضى الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم” وفى بضع أحدكم صدقة, قالوا يأتى أحدنا شهوته ويكون فيها له أجر؟ قال أفرأيتم لو وضعه في حرام, هل عليه وزر؟

قالوا نعم، قال فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر” وفي حديث آخر عن أبى هريرة رضى الله عنه قال صلى الله عليه وسلم “من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة وسعيا على أهله وتعطفا على جاره لقى الله ووجهه كالقمر ليلة البدر” إذن النوايا الطيبة تجعل العادات، والمباحات، والأعمال المألوفة التى يفعلها كل الناس في العالم عبادات، أرأيتم إلى أثر النية الطيبة في العمل؟ وأن تضع اللقمة في فم زوجتك هى لك صدقة، ولو تصابيت لأولادك هذا العمل لك صدقة، فعن أبى معاوية قال صلى الله عليه وسلم “من كان له صبي فليتصاب له” أى إذا أخذت ابنك بالعيد وركبته ببعض الألعاب، وأنت إنسان عظيم، ولك مكانة كبيرة، فهذا لا يطعن في مكانتك.

هذا يعلى قدرك عند الله، حفظته من الزيغ، وكذلك فإن العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصا وصوابا، فإن عملك الذى ترتزق منه لمجرد أن يكون مشروعا فى الأصل، وسلكت فيه الطرق المشروعة، ونويت منه كفاية نفسك، وكفاية أهلك، ولم يشغلك عن طاعة، ولا عن طلب علم، ولاعن أداء واجب دينى، انقلب هذا العمل إلى عبادة، أما العكس غير صحيح، فالنوايا الطيبة مهما سمت لا يمكن أن تجعل الحرام حلالا، فالنوايا الطيبة تجعل المباح عبادة، أما الحرام فحرام مهما كانت وراءه نية عالية، لذلك يقول الفضيل “العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصا وصوابا” فيكون خالص ما ابتغى فيه وجه الله، وصواب ما وافق السنة، فالعمل يجب أن يوافق السنة.

ويجب أن تبتغي فيه وجه الله، فإن ابتغيت به وجه الله وكان غير موافق للسنة فهو مرفوض، ولو أنك فعلت شيئا موافقا للسنة، فالعمل لا يقبل إلا إذا كان خالصا وصوابا، خالص ما ابتغى به وجه الله، وصواب ما وافق السنة، وإن الدليل هو قول تعالى فى سورة النمل” وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين” لذلك كل عمل يقوم فيه المؤمن ولو كان مباحا فيه نية عالية أصبح عبادة، أما الحرام فهو حرام مهما حسنت نية فاعله، وهكذا فإنه لا تقبل الأعمال بنوايا طيبة إذا كانت مخالفة للسنة، لأن الهدف النبيل له وسيلة نبيلة، والأهداف لا تبرر الوسائل، يجب أن تختار أهدافا نبيلة، وأن تختار لها وسائل نبيلة، لذلك الغاية تبرر الواسطة.

الأعمال والعبادات " الجزء الرابع
Comments (0)
Add Comment