القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

رحلة في حب الله

103
كتبها د / أشرف سليمان
عندما تمتلك المشاعر و الأحاسيس و تعيش حياتك اليومية بين أسرتك و زملائك و أصدقائك و تذهب لعملك كالمعتاد و في لحظة جائك أمر من عند الله تعالي أن تذهب لبيته الحرام لأداء العمرة أو الحج و هذا الأمر جعلك تحس بأنك مشتاق لزيارة بيت الله الحرام و لكن هناك معوقات عندك و كل يوم حبك و أشتياقك لزيارة بيت الله الحرام يزداد و روحك ونفسك من وقت لآخر تتركك وتذهب هناك عند بيت الله الحرام ثم أشتد حبك و أشتياقك أكثر و أكثر فأصبحت مثل المريض العليل الضعيف الذي كل طلبه و رجائه و شفائه أن يذهب إلي غرفة العناية الإلاهية المركزة عند بيت الله الحرام و عند هذة اللحظة أخذت تفكر في التخلص من كل المعوقات و أصبحت حرا و انطلقت لتذهب لأداء العمرة عند بيت الله الحرام و أنت في طريقك ستكون فرحا سعيدا و سوف تحس بأحاسيس و مشاعر لم تكن قد أحسستها من قبل و سوف تفكر و تتمني و تذكر و تتذكر كم من سيئات فعلتها و كم من صلوات ضيعتها و كم من ذنوب حصدتها و سوف تفكر أنك تسافر في حب الله عند بيته الحرام و من أجل ذلك تخلصت من كل المعوقات و لن تحس بمشقة السفر أبدا مهما بلغ و سوف تستغفر الله و تذكر أنه قد أنعم عليك بأفضل النعم ألا و هي ندائه لك للذهاب عند بيته الحرام و الله موجود في كل زمان و مكان لكن عند بيت الله الحرام الأمر مختلف تماما فالروحانيات عالية و الأنوار ساطعة و القلوب مشتاقة و الألسن ذاكرة و الأشخاص بين ذاكر و راكع و ساجد و من يطوف بالكعبة و الركعة و الحسنة بماءة الف عن مثلها في اماكن اخري و في هذا البيت الحرام سوف تحصل علي العلاج الروحي لحالتك و هو جرعة إيمانية تخلصك من كل هموم الحياه و ستظل تتذكر كل هذا أثناء السفر و عند الميقات سوف تغتسل وتجتهد في الغسل و ستحس بأن ذنوبك و سيئاتك تتساقط منك بالأغتسال و سوف تتطيب و ترتدي لبس الإحرام فكل الناس سواسيه بلا تميز و بعد الميقات سوف تتجه إلي مكة و ما هي إلا ساعات قليلة و سوف تصل إلي المسجد الحرام و كلما يمر الوقت شوقك و حبك لله عز و جل و لبيته الحرام يزداد و سوف تكون مثل المريض الذي في غيبوبة فكل علاجه هو الدخول للعناية الإلاهية المركزة في بيت الله الحرام و بأقصي سرعة و ها انت قد وصلت إلي بيت الله الحرام و شرعت في الوضوء من ماء زمزم و الشرب منه و ماء زمزم لما شرب له و سوف تحس انك شربت و أكلت و أخذت الدواء و سوف تحس أن ماء زمزم يجري داخل جسمك يعالج فيك و يصلح كل ما أفسده الدهر في جسدك و سوف تتذكر السيدة هاجر المصرية التي فجر الله لها و لطفلها بئر زمزم فالذي فجر هذا البئر أليس بقادر أن يفجر محبته و خشيته و طاعته في قلبك ؟ بلا بقادر و سوف تري أعداد كثيرة من خلق الله و من جميع دول العالم جائت لتعتمر و تشرب من هذا البئر و تتطهر فالذي أتي بكل هؤلاء من كل فج عميق أليس بقادر ان يؤلف بين قلوبهم و يحميهم و يطعمهم و يسقيهم ؟ بلا بقادر و بعد أن تنتهي من عند بئر زمزم سوف تتجه ألى داخل الحرم و في طريقك سوف تري كل البشر و كل القوميات و الأجناس والوجوه و الأشكال والألوان والأعمار و بكل لغات العالم و سوف تري وزراء و سفراء و رؤساء و الكل في زي موحد فلا فرق بينهم أبدا و سوف تري في كل متر تمشيه إما شيخ كبير أوعالم جليل موظف أو مسؤل أو ظابط أو عسكري أو جندي سعودي يتحرك لينظم السير أو عامل ينظف و سوف تري الأنوار ساطعة و الروحانيات عالية و البهجة و الفرحة و السرور علي وجوه المعتمرين و سوف تجد من يوزع لوجه الله تعالي طعام أو شراب أو تمر أو عطر أو سواك أو كتب دينيه مترجمه بكل لغات العالم و الكل يدعوك لمحبة الله تعالي و أن تسلم و تستسلم و تسلم أمرك لله و عندها سوف تشكر المملكة العربية السعودية حكومة و شعبا علي حسن معاملتهم و علي ما يقدمونه لخدمة المعتمرين و حجاج بيت الله الحرام و في داخل المسجد أنت تسير و تتجه نحو الكعبة المشرفة و محبتك و شوقك و طلبك لرؤيتها يزداد و فجأة يقف عندك الزمن و يحدث شيء عظيم و أحاسيس تحسها لأول مرة في حياتك و سوف تنهمر عينك بالدموع و قلبك و بدنك سوف يرتجف كأن شيء ما يزلزلك وشيء يتغير داخلك و سوف تقف مكانك لن تستطيع التحرك و لن تتذكر أسمك و لن تحس بجسدك و لا عقلك و كأنك في عالم آخر لأن نظرك قد وقع علي الكعبة المشرفة و رأيتها عين اليقين لأول مرة في حياتك و ستتذكر أن هذا الإحساس سوف يظل معك طوال حياتك و بعد أن رأيت الكعبة سوف تدعو لها أن يزيدها الله تعظيما و تشريفا و مهابة و إجلالا و محبة و امنا و سوف تحس بأن هناك شيء يجذبك إليها و يدفعك لتقترب منها أكثر و أكثر و سوف تشرع بالطواف و سوف تتذكر ذنوبك و سيئاتك و سوف تتمني أن يكون معك في الطواف كل أسرتك وعائلتك و كل وطنك حتي أعدائك و أنت أثناء الطواف سوف تتذكر يوم القيامة يوم الوقوف أمام الله تعالي و كل الناس سواسية كأسنان المشط لا فرق بينهم و سوف تطوف حول الكعبة المشرفة سبعة أشواط و سيأخذك الاشتياق والحنين للمس جدارها و عندما تلمس جدار الكعبة سوف تضع خدك عليه و بدون إرادة منك سوف تبكي و تنهنه و تنزل دموعك عندها و سوف تحس بأحاسيس لم تكن أحسستها من قبل أبدا وسوف تتذكر ذنوبك و سيئاتك و قلة حيلتك وهوانك علي الناس و سوف تتذكر من ظلمك و ستشتكيه إلي الله عز و جل و تدعو عليه و سوف تتذكر من أكرمك و تدعو له و سوف تذكر ذنوبك و سيئاتك و خطاياك و أخطائك و سوف تدعو الله أن يخلصك منها و سوف تتذكر أسرتك و عائلتك و كل أصدقائك و تدعو لهم تتمني لو يكونو معك و سوف تتذكر أحوال المسلمين والمستضعفين و حال الأمة الإسلامية و المجاهدين في سبيل الله تعالي و تدعو لهم بأن يصلح الله أحوالهم و ينصرهم و سوف تتذكر سما المصري و فيفي عبده و كل العصاه و المذنبين و تدعو لهم بالتوبة و الهداية و زيارة بيت الله الحرام و سوف تتذكر المسيحيين و اليهود و تدعو لهم بالهداية و الدخول في الاسلام و سوف تتذكرالإعلاميين في مصر و تدعو لهم بالتوبة و الهداية و سوف تتذكر القضاء المصري و تدعو له أن يصلح الله به أحوال مصر و أن يشدد العقوبات و ينظف البلاد و أن يعدم كل المجرمين والخارجين عن القانون و سوف تتذكر كل الفاسدين و المفسدين و الظالمين في الوطن العربي و تدعو الله إما أن يتوب عليهم أو يهلكهم و يريح البلاد و العباد من شرورهم و سوف تتذكر و تتذكر و تتذكر و تتمني إلا تبتعد عن هذا المكان أبدا فهنا عند أستار الكعبة يمحو الله السيئات و يبدلها إلي حسنات هنا الرحمة و المغفرة و الدعاء مستجاب هنا الركعة او الخطوة و الحسنة بماءة الف عن مثلها في اماكن اخري هنا الروحانيات عالية و الإيمان ليس بعده قوة هنا تسكب العبرات و تتهافت القلوب و ترتجف لمحبة رؤية الله تعالي في الجنة هو صاحب العظمة و الجود و الكرم و الكبرياء هنا عند أستار الكعبة يتوب المذنب العاصي و السفيه و الظالم المفتري هنا عند أستار الكعبة الأحاسيس لا يمكن أن توصف لعظمتها و جمالها هنا عند أستار الكعبة العلاج و العناية الربانية المركزة و سوف لا تريد أن تمشي أبدا من عند الكعبة و بعد أن تنتهي من الطواف سوف تصلي ركعتين و تدعو ثم تتجه إلي الصفا و المروة و في كل مكان سوف تدعو الله و أنت تسعي بين الصفا و المروة و سوف تتذكر السيدة هاجر المصرية عندما أستسلمت و سلمت أمرها لله فجر الله لها بئر زمزم لينقذها و أبنها من الموت ظمئا و سوف تسأل نفسك لماذا أختار الله تعالي زوجة مصرية لنبيه أبراهيم أبو الأنبياء جميعا بعد زوجته سارة و سوف تعرف أنها أولا لحكمة يعلمها الله تعالي و لكي يكون هذا شرف و اكرام للمصريين و ليقرب الله بين الشعوب و الأمم و البلاد و بعضها و لأن الزوجة المصرية عندها خصوبة لإنجاب الأطفال مثل خصوبة أرض دلتا النيل و لأن الزوجة المصرية عندها جلد و قوة و صبر و ثقة في الله و طاعة للزوج و تحمل لمشاق الحياه و معاني كثيرة سوف تراودك و تخبرك أن تستسلم و تسلم أمرك لله تعالي و عندما تعلم ان سيدنا ابراهيم هو فلسطيني من قرية الخليل ابراهيم سوف تتذكر القضية الفلسطينية و احتلال الكيان الصهيوني الإسرائيلي لارض فلسطين و عندها سوف تدعو لاهل فلسطين و سوف تتذكر اطفال الحجارة و المجازر الاسرائيلية ضد شعب فلسطين و سوف تدعو علي اليهود بني صهيون و سوف تتذكر أن السيدة هاجر تركت ولدها إسماعيل عند بيت الله الحرام و أخذت تسعي بين جبل الصفا و المروة و عند انتهاء الشوط السابع لها فجر الله لها و لأبنها بئر زمزم لينقذهم من الموت ظمئا أليس الله بقادر أن يفجر الصحة و النشاط و القوة في بدنك و أنت تسعي و تهرول ؟ بلا بقادر و سوف تذكر و تتذكر من ظلمك و تدعو عليه و تتذكر من أكرمك و تدعو له و تتذكر أبنائك و أسرتك و عائلتك و أصدقائك و تدعو لهم و تتمني لو يكونو معك و أنت تسعي و تهرول و ما هي إلا دقائق و لحظات و ينتهي السعي فتصلي لله ركعتين و تحلق أو تقصر و تتحلل ثم تعلن إنتهاء العمرة و ياليتها لم تنتهي و ياليتها تتكرر و قبل أن تخرج من بيت الله الحرام هناك مفاجأة و جائزة لك تنتظرك و مثلما فجر الله بئر زمزم فسوف تحس بأن الله تعالي قد فجر خشيته و محبته و طاعته في قلبك وقد غسلك و طهرك وغفر لك ذنوبك و سيئاتك و خطاياك كلها إلا التي تخص حقوق العباد فهي في رقبتك إلي يوم القيامة و سوف تحس بأن نور من عند الله قد سطع علي وجهك مهما كان لونه و سوف تحس بأنك قد تغيرت تغيرا كليا و جزريا و قد ولدت من جديد و أمتلأ عقلك و صدرك و قلبك و كل بدنك بالصحة و العافية و بكل الأحاسيس و المعاني الجميلة و الأفكار الإيجابية و امتلأت بالقوة و الرحمة والمحبة و التواضع و أخذت جرعة إيمانية و شحنة كهربية تقوي إيمانك بالله و تقوي صبرك و صمودك و جهادك علي متاعب الحياه و تنتهي أعمال العمرة و لم و لن تنتهي الأحاسيس و المشاعر و الفيوضات و الإلهامات و الفتوحات الربانية و تمر الأيام و ليتها لم تمر و لكن حان وقت الرحيل و العودة و جاء وقت إستقبال الأهل و ياليت قومي يعلمون فضل العمرة و الحج و عندها سوف تدعو و تتمني أن تعود لبيت الله الحرام مرات عديدة فاللهم أرزق كل محب و مشتاق بالعمرة و الحج و زيارة بيتك الحرام و من كثرة حبي للكعبة المشرفة و لبيت الله الحرام أتمني أن أحج وأعتمر مرات عديدة وهناك من الناس من حج وأعتمر عشرات المرات و مالا يعلمه كثير من الناس هو أن لا أحد يعلم من هو المقبول عند الله تعالي فرب رجل أطعم الجائع المسكين أو أعطي اليتيم و الفقير أو ساعد في توبة العاصي المذنب الذليل أو أصلح بين متخاصمين فرب هؤلاء هم أفضل عند الله تعالي من الذي أعتمر و حج ألف مرة و كل ما علينا هو أن نعمل و نعمل كما قال رسول الله في الحديث (( عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ )) قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ قَالَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ يَقُولُ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . و عن أبي ذرٍّ- رضي الله عنه – قال: قال لي النبي – صلى الله عليه وسلم -: (( لا تَحقِرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلق ))؛ متفق عليه. و أعملو كل مهيأ لما خلق له فلا تدري أي حسنة تدخلك الجنة .
قد يعجبك ايضا
تعليقات