عن الإلهام والملهمين
سهام سمير
هل صادفت شخصية ملهمة في حياتك؟
دعونا نتعرف على معنى الإلهام وما نقصده هنا بالشحص الملهم.
الملهم شخص لا يقصد أن يلهمك، بالفطرة تصرفاته توحي لك وتجعلك تنظر له بانبهار وتتمنى لو كنت مثله.
منا من يجد الإلهام في أحد الوالدين أو كلاهما، وللحق أغلبنا يلهم بالأب والأم حتى لو بعد حين.
أول من تراه عيناك، وتعي سلوكه وتعاملاته، فلا عجب أن ابن الطبيب يصبح طبيب وهذا على غرار المهنة لكن هناك أيضا من يرث عن أبويه حب العطاء، والخيرية والعمل التطوعي.
من يلي الأبوين، المدرسين، المعلم أول من تتعامل معه بعد الخروج من بيتك للمدرسة، معظمنا أول ما دخل من باب المدرسة ارتمى في حضن أول معلم التقاه.
المعلم له مهابة ونراقبه في كل أحواله، ونذهب للبيت نتمثله، ونتخيل الحائط كأنه السبورة ونبدأ بتقليد أقوال معلمنا، وتوجيهاته وحتى طريقته في العقاب.
أذكر أني ارتديت الحجاب في المرحلة الابتدائية فقط لأن مدرستي التي أحبها وأحترمها ترتدي الحجاب وأحببت ما تقوله وتفعله.
أما بعد مرحلة النضوج وبعدما مرت مرحلة المراهقة، التي تجعلنا في حيرة من أمرنا ما نريده وما نزهده بعدها بوقت قليل ثم تتغير أرائنا .
بعد هذه المرحلة، نكون جزء لا يستهان به من شخصياتنا، فتجذبنا الشخصيات العامة، خاصة الإعلامي او الممثل أو الكاتب.
عندما ندخل معترك الحياة، ونبدأ بالعمل، يؤثر فينا المدير، أو بالمعنى الأدق القائد، الذي يكون بالنسبة لمرؤسيه، الملهم، وتعامله معهم يكون نقطة تحول في حياة البعض منهم، خاصة إن أثر فيه بالإيجابية، فيحاول أن يتمثل به ويتخذه قدوة.
بعضنا تحدث عن مديره، وكيف أنه رغم مسئولياته، إلا انه متابع جيد لمرؤسيه وما يحتاجون له وما يزعجهم وما يجعلهم أكثر قابلية للعمل وفي نفس الوقت يستمتع بوقته مع أسرته، وكيف أنهم اكتشفوا فيه الجانب الطفولي المرح في رحلاته معهم.
…
ما سبق عرضه، كان أشخاص قابلناهم بترتيب، ومن حظ بعضنا الرائع أن تعامل معهم وتاُثر بهم، لكن هناك أشخاص ومواقف نقابلهم بمحض الصدفة، أو كان مرورهم بنا مرور عابر.
وهؤلاء أكثر تأثيرا، كونهم لم يفعلوا هذا عن عمد، لكننا نعدهم من الرسائل الربانية، أرسلهم الله لنا، ليهدونا نصيحة او وعاء أو درس العمر.
حدثتنا المشاركة عن إنسانة التقت بها وهي في طريقها، كلمتها مرة واحدة ودون تمهيد عن ضرورة الاهتمام بدراستها، وهي لم تكن شخص مهتم بالدراسة لكن نصيحة أتتها في هذا الوقت وبهذه الطريقة كان لها مفعول السحر معها ولا زالت تذكر هذه الشخصية حتى الأن.
أما عن نورا فقد حكت كيف أنها قابلت شخصا غريب الاطوار من حيث ملبسه، والوشم الذى يدقه في جميع أنحاء جسمه، تلك الوسوم التي تخيفك وتجعلك تنفر من القرب من هذا الشخص، لتكتشف فيما بعد مدى طيبته وجدعنته ووقوفه معها ومع غيرها وقفات لا تنسى في مواقف شديدة الوطأة.
يوم وفاة هذا الرجل دخلت نورا صفحته على الفيسبوك وذهلت من كم من ينعون الرجل، ويرثونه ويثنون عليه وعلى مواقفهه معهم رغم مظهره الغريب الذي يجعلك تأخذ انطباعا سيئا عنه، ثم لا تلبث أن تغيره فيما بعد. وهكذا هم الملهمون لا ينوون الهامك ولا يعملون على هذا الموضوع، إنما يحدث وحسب.
حين حدثتنا أ.مارلين مدربة التواصل والذكاء العاطفي، عن ملهمتها في الحياة كانت المذيعة الشهيرة، أوبرا وينفري، فبرغم طفولة
اوبر ا التعيسة بحكم انفصال والديها، وتعرضها للاغتصاب والتنمر والعنصرية التي تتعرض لها،إلا أنها ألهمت الكثيرين بقصة كفاحها ونجاحها وإسهاماتها التي لا تنضب في مجالات شتى.
¬¬لكن هل الإلهام قاصر على البشر؟
هذا ما جاوبت عليه المشاركة التالية حين تكلمت عن قطتها، وكيف أنها ألهمتها حب الحياة والاستمرار فيها، فالقطة التي لا تملك حق الشكوى ولا تعرف طريقة للتعبير عن ألمها علمتها معنى التحمل، والحب غير المشروط وغير المحدود.
كل من يقتني حيوان أليف يعرف مدى حب هذه المخلوقات وإخلاصها لنا، وعطاءها حتى في لحظات غضبنا عليها أو عقابنا .
القط أول الكلب، يهديك السمع والإنصات والتفهم، لا يجادلك في مشاعرك ولا احتياجاتك ويعطيك التقبل الذي تريده.
أحيانا تلهمنا المواقف، ونمتن لوجودها، رغم صعوبة بعضها لكنها تجعلنا أقوى وأكثر صلابة.
كيف يكون الشخص ملهما؟
الشخص الملهم لا يتعمد أن يكون كذلك، معظم من التقينا بهم من الملهمين لم يقصدوا الإلهام ولا التأثير، لكن جمعهم حب الخير والعطاء وترك الأثر بلا قصد مسبق.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه:
هل نحن شخصيات ملهمة؟ هل نؤثر فيمن حولنا؟
أهمية السؤال تنبع من أهمية استمرار التأثير والعطاء. فلو وصلك ممن قبلك تأثير في حياتك بالإيجاب فلا أقل من أن تترك أنت أيضا أثرا طيبا في حياة من يمر بك.
ملخص مناقشة “شخصية ملهمة أثرت في حياتك” على تطبيق كلوب هاوس
إعداد وتقديم أ.مارلين سليمان مدربة التواصل والذكاء العاطفي
