القاهرية
العالم بين يديك

حافة النسيان

148

بقلم _ سالي جابر

أحلام متعلقة بالخواء، تتسابق مع الزمن بالنهوض من الذاكرة إلى سلة الماضي الذي ينتهي باقتراب الغروب، فعندما كانت الشمس باسقة أنوارها في كنف السماء، كانت الحروب مشتعلة في قلبي تتجسد في عصفورين يطيران في السماء ٱحدهما جريح الجناح لا يقوى على الطير يتمسك به الآخر بقوة، لكن جناحه هزيل لا يقوى على حمل تلك الصور المثقلة قلبه بالحزن، تداعت الذكريات لحظة غروب الشمس، ورسمت على حافتها البرتقالية كلمة وداع، ثقيلة تلك الكلمة رغم حروفها المتباعدة، إلا أنّها تصالحني مع ذاتي بعد ليالٍ ثقال، فكم كنت أعلم أنه يود الفرار من حبي، من جنتي التي رسمت حدودها على أنهار كلماته، أشتاقت أذني إلى صوته العذب المخادع، فكم مرة انتظرته أمام هاتفي ليسكن ضجيج رنته لهب الشوق الذي يحترق بداخلي، فأجيبه بلهفة المشتاق: نعم، أنا هنا أتلهف لكلماتك المعتادة:” أنتِ يقظة” كنت مولعة بهذه الكلمة الفارغة وأعتبرها اهتمام، وماذا بعد؟! أدرك هو هشاشتي العاطفية وقرر دون سابق إنذار أن يكسرها ببساطة ودون عناء؛ حقًا أنا من فعلت هذا بنفسها، خرجت مهرولة إلى لحاف الذكريات أستنجد به من عناء القلب المنكسر المستفيض حبًا رغم ما حل به من خراب؛ لكن هيهات هيهات اللجوء إلى الخيبات يشعل النيران بصورة أسرع، كلما لجأت إلى النوم، كلما رأيت وجهه على وسادتي، حدثته في منامي، كلما حاولت نسيانه تذكرته وبشدة، هل لأنني لا أود الاعتراف بخيبتي؟! أم لأنني تعلقت حتى بالفراغ الذي تركه بيّ ؟!
ظللت هكذا لسنوات أنتظر مكالمة، أترقبه بعين الحب والخوف والرجاء، أُحدث نفسي بالتماس العذر لغيابه، وهو كلما طال الغياب تأكد عقلي من وجود أخرى في حياته.
كيف استطاع النسيان؟! وكان قلبي له دواء، وعقلي يجيب له النداء، وحياتي مسخرة لأحلامه، أكنت مخطئة عندما تركت ذلك الحب يشتعل على حافة النسيان؟
أم كان النسيان الداء والدواء؟!

قد يعجبك ايضا
تعليقات