– الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك!
– لا أجد الوقت الكافي لتحقيق كل المهام!
– لا أدري كيف يتبخر الوقت بهذه السرعة؟!
وتساؤلات كثيرة تدور في أذهاننا جميعاً بشكل يومي، بل كل ساعة.
تمضي الساعات والأيام والشهور والسنوات ولا نحقق ما نريد بسبب “وهم” ضيق الوقت. والحل لهذه المشكلة يتلخص في كلمتين (إدارة الوقت).
إدارة الوقت هي أحد المهارات الهامة والتي تناولتها علوم الإدارة بشكل عام، وإدارة المشروعات بشكل خاص. وقد تطورت نظرة معهد إدارة المشروعات الأمريكي PMI لهذا العلم من مفهوم إدارة الوقت (Time Management) إلى مفهوم أكثر واقعية وهو إدارة الجدول الزمني (Schedule Management) أو بمعنى آخر (إدارة المهام) حيث تطور وعي الإنسان ليعلم ويُقر ويعترف بضعفه البشري بأنه لن يستطيع إيقاف الزمن أو التحكم في الوقت بإطالته مثلاً، ولكنه يستطيع التحكم في سلوكه ونشاطاته وأفعاله (Self-Management) لحد كبير لتحقيق أكبر قدر ممكن من المهام المطلوبة خلال الوقت المتاح لتحقيق الأهداف القريبة قصيرة المدى، والتي تساهم بدورها في تحقيق الغايات بعيدة المدى.
فكيف إذن نكتسب مهارات تحقيق الأهداف داخل إطار زمني ضيق بما يسمى (إدارة الوقت)؟
الإجابة السهلة على هذا السؤال والتي ستجدها دون عناء إن استخدمت محركات البحث:
1- اكتب كل المهام المطلوبة خلال مدة زمنية معينة (يوم، أسبوع، شهر، … إلخ).
2- رتب أولياتك.
3- حدد مدة زمنية لتنفيذ كل مهمة في قائمة المهام To-Do-List.
4- ابدأ التنفيذ طبقاً للأولويات على أمل الانتهاء من تنفيذ كل المطلوب ضمن المدة الزمنية المحددة.
ولكن بالرغم من أن الإجابة السابقة مرتبة ترتيباً منطقياً قد يبدو مألوفاً ومفهوماً للجميع، وبالرغم من تعدد الوسائل التكنولوجية الحديثة للمساعد في الجدولة و الترتيب (Calendars) وأدوات التذكير (Reminders)، إلّا إنه من الصعب على الإنسان العمل بهذه الطريقة الآلية مثل الروبوتات.
وهنا يأتي السؤال الأروع، وهو كيف نضاعف من الإنجازات في نصف الوقت المتاح بأقل جهد ممكن؟
وللإجابة عن هذا السؤال، اسأل نفسك سؤالاً آخر: ما هو الشيء الذي إن أنجزته اليوم يعطيني التأثير بعيد المدى الذي يجعل الغد أفضل؟
بمعنى آخر التركيز على القيمة (Value) التي تدوم. والبحث عن الكيف وليس الكم (Quality not Quantity).
وهنا يأتي التحول الفكري (Paradigm Shift) والذي سيحقق الغاية، وذلك باعتناق هذا المبدأ الأهم وهو (استغل وقتك اليوم لتوفير وقت في الغد). والذي يتلخص في تمرير أي مهمة على ثلاث مراحل (فلاتر) لفرز واختيار ما يحقق القيمة، وهذه المراحل هي:
المرحلة الأول: أن نتساءل هل يمكن عدم تنفيذ هذه المهمة؟
والذي يعني بالضرورة تنفيذ الأولويات التي تضيف قيمة عالية، وعدم تضييع الوقت فيما لا فائدة منه. والذي يعتبر المدخل لفن (اللامبالاة) والذي سنتناوله بمشيئة الله في مقالات قادمة.
المرحلة الثانية: تقييم مدى إمكانية أتمتة هذه المهمة (Automation)
أي جعلها تُنفذ دون تدخل مباشر، لتوفير الوقت لما هو أولى بالاهتمام. وهذه الأتمتة هي عملية استثمار في الوقت مثل الاستثمار في المال تماماً. فكما نعلم الوقت له ثمن (Time is Money).
المرحلة الثالثة: إذا لم نملك رفاهية الرفض ولا إمكانية الأتمتة، فهل يمكن تفويض شخص آخر للقيام بأحد المهام نيابة عنّا؟
فليس من الضروري الإصرار على تنفيذ كل المهام بأنفسنا، وهنا تأتي قيمة تعليم الآخرين ونقل الخبرات لإيجاد أشخاص يقومون بالمهام المطلوبة بنفس الكفاءة التي نقوم نحن بها.
ولكن ماذا نفعل إذا تسللت المهام من الثلاث مراحل (الفلاتر) ووقعت بين أيدينا ولم نجد مهرباً إلّا بتنفيذها من وقتنا الخاص؟ هنا لا نتسرع أيضاً بإهدار الوقت قبل أن نسأل سؤالا هاما: هل يمكن تأجيل هذا العمل لوقت آخر؟ أم يوجد حالة عاجلة (Urgency) تستدعي التنفيذ حالاً؟
فإذا اتخذنا القرار بالتنفيذ حالاً فيجب التركيز ووضع الجهد اللازم للإنتهاء من هذه المهمة في أقرب وقت ممكن وبكفاءة وإتقان .
وإذا تبين أننا نمتلك رفاهية التأجيل دون إحداث تأثير سلبي، فيكون ذلك تأجيلاً لغاية ما (Procrastinating on purpose) ، وذلك لإعادة تقييم هذه المهمة المؤجلة طبقاً لإستراتيجية الفلاتر الثلاثة المذكورة سابقاً.
وبهذا نكون قد امتلكنا القرار الواعي لاستثمار أوقاتنا الحاضرة في المهام التي تعطي قيمة لأوقاتنا القادمة، الأمر الذي يساهم في إسعادنا بتحقيق السلام الداخلي وإعطاء الوقت الكافي لتحقيق أهدافنا وأحلامنا، وقضاء وقت كافٍ مع أحبابنا.