القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

الدكرورى يكتب عن أهمية المساجد فى الإسلام “الجزء الثامن “

92

 


ونكمل الجزء الثامن مع أهمية المساجد فى الإسلام، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي في المسجد أو في بيته، وهو يتلوه على أصحابه في مسجده ويعلمهم معناه، كما كان يعلمهم الوحي الثاني، وهي السنة، وكان تعليمه لهم بالقول وبالفعل، فكان مسجده صلى الله عليه وسلم مقر تعليمِه الأمة قولا وعملا، وكان أصحابه يتحلقون حوله، ليسمعوا حديثه، وإن من واجب الأسر والمربين والمعلمين تعويد النشئ على الارتباط بالمساجد وارتيادها لا سيما المميزين منهم مع تعليمهم آداب المسجد، فقد كان الصبيان المميِّز منهم وغير المميِّز في عهد السلف يدخلون المسجد، ولا ينبغي تنفير الأولاد من بيوت الله بحجة أنهم مصدر إزعاج للمصلين. 

أو سبب لذهاب الخشوع في الصلاة، فهذه حجج واهية، وما وسع الصحابة ينبغي أن يسعنا، ومثل هذا الإزعاج إن صدر يمكن معالجته بأساليب صحيحة أخرى، غير الطرد من المسجد، فإن الطرد فيه مفاسد كثيرة، أولها بُغض الصبي للمسجد، ونفرته منه، لا سيما إذا كبر، وكفى بهذه مفسدة، والشارع الحكيم حرص على ترغيبهم في الصلاة بالمسجد لا تنفيرهم منه، بالإضافة إلى أن تعويدهم الحضور للمسجد، فيه فوائد أخرى عدا أداء الصلاة، ومن ذلك رؤيتهم منظر التلاحم بين المسلمين بمختلف فئاتهم، ولمسهم معالم التآخي بين المصلين، فينشؤون على مثل هذه المفاهيم، وإذا حضروا الجمعة تعلموا أدب الإنصات وحُسن الاستماع، هذا إذا كانوا غير مميِّزين. 

أما المميِّز منهم فإنه لا شك سيستفيد مما يسمع من خطبة أو محاضرة، وسيتعلم الأحكام الشرعية، والآداب الإسلامية، والتي سينقلها إلى أهل بيته لاحقا، فإن الاستجابة في الناشئة أسرع منها في الكبار، وينشأ ناشيء الفتيان منا على ما كان عوّده أبوه، ولا صحة للحديث المشهور على ألسنة العامة، فعن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم” وقد دل على جواز إدخال الصبيان المساجد الحديث الذي رواه الشيخان عن أبى قتاده الأنصارى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى وهو حامل أمامه بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبى العاص بن ربيعه بن عبد شمس فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها” وإن للمسجد دوره الأساسي في تماسك المجتمع وتقوية الروابط الاجتماعية، هذا التماسك الذي يعتبر هدفا مهما شرعت من أجله بعض التشريعات لتقويته كتشريع التآخي بين المؤمنين، وجاءت الكثير من الآداب والسنن لتعلم المسلم كيف يتعامل مع أخيه بشكل يضمن سلامة وقوة هذا التماسك، ودور المسجد في هذا الإطار واضح جدا خصوصا مع ملاحظة صلاة الجماعة فيه، والتي يعني الالتزام بها اجتماع المؤمنين خمس مرات في اليوم والليلة، ففيه يجتمع المسلمون خمس مرات في اليوم والليلة، ولمّا كان من طبيعة المسجد أن المسلمين يلتقون فيه مرات عديدة في اليوم والليلة، فإن المشكلات والحاجات الاجتماعية على اختلاف أنواعها تظهر للناس. بما يدعوهم إلى إيجاد حلول لها تدفعهم إلى ذلك روح التواد والتراحم التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال صلى الله عليه وسلم “ترى المؤمنين فى تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى عضوا تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى” ومن أمثلة هذه المشكلات مشكلة الفقر ومعالجته من قبل المجتمع المسلم وإشاعة التعفف لدى الفقراء وحثهم على طلب الرزق، فقد أنزل الله في أهل الصفة قوله فى سورة البقرة “للفقراء الذين أحصروا فى سبيل الله لا يستطيعون ضربا فى الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا” فكان المسجد متكفلا بهم مراعيا لهم، لا يألو جهدا ولو بالقليل في إطعامهم وإدخال السرور عليهم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات