القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

الذكرى الخامسه على رحيل زويل رائد كيمياء الفيمتو

91

متابعه د/رانده شحاته
خمس سنوات بالتمام والكمال مرت على رحيل أحمد زويل، الذى لم يكن فقط مجرد عالم مصرى كبير استطاع الحصول على جائزة نوبل فى الكيمياء، بل كان معجونًا بتراب وطنى، ومعتزًا وفخورًا بجذوره وهويته المصرية الأصيلة، رغم أن تواجده فى الخارج فتح له كثير من أبواب البحث العلمى، والتى أتت فى النهاية إليه بـ”نوبل”.
فى 10 ديسمبر من العام 1999 تسلم زويل جائزته من ملك السويد كارل جوستاف السادس فى حفل كبير بقاعة ستوكهولم الكبرى للموسيقى، وألقى زويل كلمة أمام الملك فى حفل العشاء التقليدى الذى أقيم بقاعة المدينة الكبرى عقب تسليم الجوائز.
كانت كلمته تلك نموذجًا لاعتزاز الرجل بهويته المصرية الضاربة فى جذور الحضارة القديمة، فى البداية أشار إلى أن ميدالية نوبل التى تُمنح للفائزين، وصممها المهندس السويدى ليندبرج عام 1902، إنما تحمل صورة الإلهة المصرية “إيزيس” رمز الأمومة، وتبدو فيها خارجة من السحب، وعلى وجهها غلالة يرفعها شخص يرمز إلى عبقرية العلم، وقدرته على كشف الحجب.
وأشار كذلك إلى أن التقويم الزمنى الذى توصل إليه المصريون قبل ستة آلاف سنة، كان بداية لقياس العلم للزمن الذى وصل بنا إلى عصر الفيمتو ثانية (زويل حصل على نوبل لقيامه بابتكار ميكروسكوب يقوم بتصوير أشعة الليزر فى زمن مقداره فيمتو ثانية)، كما أن لديه اعتبارًا خاصًا بشأن هذه الجائزة، وهو أنها لو كانت قد عُرفت قبل ستة آلاف سنة، حين بزغت شمس الحضارة المصرية القديمة، أو حتى قبل ألفى سنة، حين كانت منارة مكتبة الإسكندرية متوجهة، لكانت مصر قد فازت بنسبة عالية من هذه الجوائز.
أراد زويل أن يذكر العالم كله، مستغلاً الحدث الذى ينتظره ملايين من أهل الأرض، فى القول بأن مصر هى شمس الحضارة الحقيقية، وهى الرائدة فى كل مجالات العلوم والفنون، بتاريخها وتاريخ شعبها القديم، الذى بنى حضارته بعقول وسواعد أبنائه المخلصين، الذين أتى حفيدهم أحمد زويل بعد آلاف السنوات ليجنى ثمار ما زرعه الأجداد فى العلوم.
وذكر زويل فى كلمته بعد ذلك أنه إذا كانت مصر والعالم العربى لم يحصلا من قبل على جوائز نوبل فى العلوم والطب، فإنه يأمل فى أن تلهم جائزته الأجيال الجديدة فى الدول النامية إدراك حقيقة أن بإمكانهم الإسهام فى تقدم العلم والتكنولوجيا على المستوى العالمى، كما يأمل فى أن تشجيع هذه الجائزة المنطقة التى جاء منها، فى التركيز على البحث العلمى والمجتمع العلمى.
وأشار إلى نشأته فى مصر، وقال إن تجربته فيها قد أثرت على معارفه، مثل تأثير كبرى جامعات العالم عليه، مذكراً الأجيال الجديدة فى المنطقة العربية أن المسؤوليات الملقاة على عاتقهم جسيمة، وأن التحديات بشأن المستقبل هى الأخرى مهمة، وأنه لابد من الاهتمام بالبحث العلمى والدراسات العلمية التى ستكون خير سند لهم ولدولهم فى العبور نحو المستقبل.
لقد ربط الرجل فى كلمته بين التاريخ المصرى وبين الحاضر، بين أهمية العلوم فى بناء الأمم التى انتهجها الأجداد الفراعنة، وبين نصيحته للشباب العربى للاهتمام بها، لأنها بانية الأمجاد والمستقبل، بين حبه وشغفه وتقديره لبلده والمعارف التى تحصل عليها منه، وبين عرفانه بأهمية جامعات العالم فى فتح أبوابها أمامه ليقدم للإنسانية اختراعه المبتكر.
فى ختام كلمته، ذكر الجميع طه حسين، عميد الأدب العربى، الذى كان هو الآخر يستحق نوبل، لولا أزمات السياسة والاستعمار التى حالت دون ذلك، فقال باللغة العربية “ويل لطالب العلم إن رضا عن نفسه”، وعندما ترجمها إلى الإنجليزية ضجت القاعة بالتصفيق ليس لأحمد زويل الذى يُحتفل بفوزه بجائزة نوبل فقط، وليس لطه حسين صاحب الإسهامات العقلية والفلسفية قبل الأدبية أيضاً، بل للحضارة التى أنجبت هؤلاء.

قد يعجبك ايضا
تعليقات