القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

معركة تْرُبَة الثانية 

93

 

 

تقرير د / زمزم حسن

 

شهد الدور الثاني من حرب محمد علي باشا ضد الدولة السعودية حيث تقع تْرُبَة ما بين الطَّائِف ورَنْيَة، وتبدو القُنْفُذَة على ساحل البحر الأحمر، في حين تمتد بلدات زهران حول المندق.

سار طوسون باشا وقادته على رأس ستة آلاف مقاتل إلى تْرُبَة، البلدة المحصنة شرقي الطائف، وانضم إليهم عند بلوغهم إياها جموع من أبناء البوادي التي تم استمالتها، وجرت معارك كبيرة على أسوارها عمد فيها طوسون باشا إلى ضرب تْرُبَة بالمدافع، كما حاولت قواته تسلق أسوارها دون جدوى.

استعصت البلدة، وصمدت، وكان ردءاً لأهلها قائد خيالة الدرعية، غصاب بن شرعان العتيبي، كما كان عليها أمير تْرُبَة، رشيد بن جرشان البقمي، كما شاركت أرملة سلفه حمد بن عبد الله البقمي، غالية بنت عبد الرحمن البقمية، في تمويل قوات البلدة بأموالها، وهي أيضا التي أخفت نبأ وفاة زوجها أثناء معركة تْرُبَة الأولى حتى ظُنَّ أنها قائدة للبلدة. لاحقاً، حملت القوات المتحصنة بتْرُبَة على قوات طوسون باشا؛ إذ أجبرتها على الانسحاب إلى الطائف والتحصن بها.[54] نتج عن هذه الهزيمة انشقاق الشريف راجح الذي فضل التواصل مع غصاب العتيبي، والدخول في طاعتهم.

كما فر قائم مكة المعين من قِبَل محمد علي باشا، الشريف يحيى بن سرور، والذي كان قد فر واستعصم بعسير خوفاً من أن يشك به محمد علي باشا كما حصل مع الشريف غالب بن مساعد من قَبْل، إلا أن محمد علي باشا استطاع لاحقاً استمالته وطمأنته.

 

روى ابن بِشر المعاصر لتلك الحقبة أحداث معركة تْرُبَة في قوله: «ثم إن محمد علي سير ابنه طوسون بالعساكر العظيمة والجموع الكثيرة إلى جهة الحجاز واليمن، وكان أدنى ما يليهم تربة، وكان قد أحصنها سعود بالبناء وأعد فيها عدة للحصار ومرابطة، واستنفر أهل الحجاز وأمرهم أن ينزلوا حولها مرابطة لها، ثم أقبل طوسون ومن معه من العساكر والجموع ونازلوا أهل بلد تربة وحاصروها نحو أربعة أيام، ونصبوا المدافع والقنابر ورموها رمياً كثيراً فلم يؤثر فيها شيئاً، وأنزل الله الرعب به وبعساكره ورحل عنها بعدما قتل من قومه قتلى كثيرة»؛ كما قال أيضا عن قيادة غصاب لجبهة تْرُبَة وغاراته على البوادي التي تعاونت مع محمد علي باشا حولها: «قدم غصاب تربة وأقام فيها نحو سنة يقاتل الروم والبوادي».

في حين روى عبدالرحمن الجبرتي أحداث معركة تْرُبَة في قوله: «والذي أخبر به المخبرون عن الباشا وعساكره أن طوسون باشا وعابدين بيك ركبوا بعساكرهم على ناحية تربة التي بها المرأة التي يقال لها غالية، فوقعت بينهم حروب ثمانية أيام ثم رجعوا منهزمين ولم يظفروا بطائل».

 

روى ابن بِشر عن انضمام الشريف راجح لغصاب العتيبي وتخطيطهم للإيقاع بمحمد علي باشا بمكة، ما نصه: «ثم دخلت السنة التاسعة والعشرون بعد المائتين والألف، ومحمد علي صاحب مصر في مكة على الحال المذكورة، ورجع إليه عساكره الذين حاصروا بلد تربة، فلما رجعوا دخل بعضهم مكة وبعضهم جعله عند الطائف، ولم يزل محمد علي في مكة وجدة وابنه طوسون في الطائف، هذا وراجح الشريف ومن تبعه وغصاب العتيبي ومن معه من أهل الحجاز واليمن من جنود المسلمين نازلون فيما بينهم وبين تربة يصابرون تلك العساكر ويدبرون الرأي فيهم، ثم أقبل عساكر كثيفة من مصر مع البحر».

 

وفيها في محرم من السنة نفسها 1229هـ، سار أمير القصيم حجيلان بن حمد التميمي وأمير الجبل محمد بن عبد المحسن آل علي بأمر سعود الكبير مع بعض قواتهما لمناجزة من عاون الحملة العثمانية وقَبِل منها أموالها، فأغاروا على البوادي قرب الحِنَاكِية إلا أنهم هزموا. روى ابن بِشر في مسيرهم ووقعتها، ما نصه: «فنزلوا على البوادي وبنوا خيامهم ووقع بينهم قتال. ثم إن أهل البوادي استصرخوا من حولهم من البوادي.. وقتل منهم قتلى كثيرة».

قد يعجبك ايضا
تعليقات