القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

الدكرورى يكتب عن إياكم والتخوض فى مال الله “الجزء الأول”

83

إعداد / محمـــد الدكـــروري

إن السرقة من الأموال العامة مصيبة عظيمة لأنها سرقة من جميع المسلمين، فإذا سرق من المال العام، وأخذ من المال العام من بيت المال سرق من جميع المسلمين، وإن العقوبة عظيمة عند الله تعالى، فقد تفننوا في السرقة، وتنوعت الأشكال، فالعصابات، قلدوا الغربيين في الأفلام، وأخذوا الأفكار من الأفلام، وصار السطو المسلح، والتهديد للسرقة، والتخفي والتلثم، وكل هذا من أين أتى؟ وهو أنه نزع خوف الله من قلوبهم، وزال الإيمان، وإذا زال الإيمان ونزع فلا أمان، فإن الإسلام هو دين الفطرة الذي يبيح إشباعها، ويلبى مطالبها ضمن الحدود التي حدّها الشارع الحكيم، مع التهذيب والترشيد حتى تستقيم، وتحقق الخير للإنسان، ولا تعود عليه بالشر.

ولأن الانسان من فطرته أنه جبل على حب التملك ، ومن طبعه حب المال حيث قال الله تعالى عنه” إن الإنسان لربه لكنود، وإنه على ذلك لشهيدن وإنه لحب الخير لشديد” وقال سبحانه وتعالى “وتأكلون التراث أكلا لما، وتحبون المال حبا جما” ولهذا فقد حرم الاسلام على المسلم مال أخيه المسلم، كما بين الاسلام أيضا حرمة مال المسلمين عامة وهو ما يعرف اليوم بمال الدولة،أو المال العام، فالإسلام جعل لمال الإنسان الخاص حرمة وقداسة، ولم يغفل أيضا عن حرمة المال العام، بل أعلى من شأن هذه الحرمة للمال العام، فجعلها أشد حرمة من المال الخاص، وعني عناية عظيمة بالمحافظة على أموال المسلمين، وأمر بصيانتها، وحرم التعدي عليها، ولو كان شيئا يسيرا.

فقد روى مسلم في صحيحه من حديث عدى بن عميرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا، أى إبره، فما فوقه كان غلولا، أى خيانة وسرقة، يأتى به يوم القيامة” فالمال العام أعظم خطرا من المال الخاص، ذلك لأن المال العام ملك الأمة وهو ما اصطلح الناس على تسميته مال الدولة، ويدخل فيه، الأرض التي لا يمتلكها الأشخاص، والمرافق، والمعاهد ،والمدارس، والمستشفيات، والجامعات ، وغيرها فكل هذا مال عام يجب المحافظة عليه، ومن هنا تأتي خطورة هذا المال، فالسارق له سارق للأمة لا لفرد بعينه، فسلب القليل من المال العام ولو كان مخيطا أو ما في قيمته يفضح العبد يوم القيامة.

ويذهب بحسناته، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول الإسلام يبايع المسلمين رجالا ونساء على اجتنابها، فروى مسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن بقول الله عز وجل “يا أيها النبى إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن” فتأمّلوا ذكر السرقة مع الشرك والزنا وقتل الأولاد لتعلموا جرمها، وقد انتشر في الناس أشكال من السرقة والاختلاس، طالت الأخضر واليابس، والمال الخاص والعام، حتى سرق الموظف ما خف وثقل من أدوات مكتبه وأقلامه وحبره، وسرق عمال البريد والمصارف، وسرق البائع في الميزان، وسرق صاحب الأجرة في عداده.

وسرق المقاول في أرقام عمله، وسرق المسؤول مما طالت يده من مال عام، وسُرقت السيارات والمنازل والحوانيت حتى اعتدي على الهواتف، حتى تسرق بعض المتجولات في الأسواق أواني وأغراضا تافهة في طاولات السوق ومعارض المحلات لتحمل معها جمرات من نار، وطالت السرقة القبور، فسرقت أكفان الموتى وأعضاؤهم، من نبّاشي القبور، بل وعرفنا اليوم سراق الأزمات الذين يستغلون الكوارث العامة من زلازل وفيضانات، ويسرق بعضهم المرضى في المستشفيات، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وتحقق والله قول النبي صلى الله عليه وسلم يخبر بأحوال آخر الزمان حيث يقول صلى الله عليه وسلم ” يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ أمن الحلال أم من الحرام”

قد يعجبك ايضا
تعليقات