القاهرية
العالم بين يديك

دُلَّني

140

بقلم/ حسن محمد
وكأن قلبي كُتِبَ عليه أن يسلك سُبُلًا، ويخطو دُرُوبًا يتعثر بهما تعثر الأعمي: أعمى الحب، وكفيف البصيرة.
في بدء الأمر يتمطى القلبُ طُرُقًا متبخترا، يمشيها واثقا مفتخرا، وعند منتصفها يدركه الخطرُ، يتملكه الخوفُ إلى أن يظل يركض فيها ركض الوحوش في البرية.. فلا يتوقف، ولا يصل إلى نهاية، ويفقد مراده..
ألم يحن الوقت أن أستريح عن الركض قليلا يا الله، أن أمتنع عن ركوب القطارات التي تقف عند محطات لا تشبهني ولا أعرفها؟
ألم يحن الوقت أن أترك كلّ شيءٍ وأعود إلى نفسي التي أهلكتها: الطرق الخاطئة.. الآمال، الأوهام والأحلام الكاذبة؟
قلبي متعبٌ يا الله؛ لأنه بعيدٌ، وأنت القريب.
عقلي مرهقٌ يا الله؛ لأنه يفكرُ، وأنت المدبر.
وقد جُبتُ مشارق الأرض ومغاربها، وقطعتُ شمالها وجنوبها، بحثا عن ذاتي في دروب الحبِّ، لكن قلبي ضلّ الطريق، وملّ بالضيق. وراحت نفسي تنزوي متواريةً غريبةً عن العالم محبوسةً في غياهبِ السَّأم؛ فذاقت ألوانٍ من الألم، وضجرت الانتظار على أعتاب الأمل، فأضناها السقم.
وهأنذا أعود بعد طول الغياب خائبَ الرجاء من آمال الحياة، تائها عني قاصدا، للمرة التي تُعد ولا تُحصى، الطريق إليك، لعلك تدلِنّي؛ فأهتدي وأسكن.

قد يعجبك ايضا
تعليقات