القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

حب الأنا وتدمير الذات ” الجزء الثالث “

119

كتب د _ عيد علي

في هذا الجزء نتناول أهم الصفات السيئة التي يفرزها مرض الأنانية نسأل الله لهم الشفاء هذا وقد وقفنا في الجزء الثاني عند وصفنا لمرض الأنانية بأنه مرض عضال ، وحيث أنه عضال فهو يتفاقم وتزداد مضاعفاته وأعراضه في شخصية الإنسان الأناني ، وهنا نسرد أهم الصفات السيئة التي يفرزها مرض الأنانية :

١- التعصب :

 يتعصب الأناني لأفكاره بدافع حب الذات ، ويجادل عنها ، لتكسبه نفعاً ، أو تدفع عنه ضراً ويتلون بها حسب الظروف ، وينغلق دون غيرها حتى ليعمى بصره

فالإنسان الأناني يصاب تلقائياً بمرض التعصب التعصب للرأي ، وللجماعة ، وإلى كل شيء يمت إليه بصلة ، مهما كان رأيه خاطئاً ، أو جماعته تسير على طريق خاطيء ، ومهما كان رأي الطرف المقابل صحيحاً وواضحاً ، لا يمكن أن يتنازل عن رأيه مهما تسوق إليه من أدلة وبراهين لإقناعه ، فرأيه صواب لا يحتمل الخطأ ورأى غيره خطأ لا يحتمل الصواب. 

 ويغتر بجهله ، ويرى كل من حوله دونه علما وقيمة وقامة كأنه مخلوق من طينة مختلفة عن كل البشر ولا يذل نفسه ـ حسب ظنه لمجرد الظن بأن في ذلك منقصة لذاته ، التي يحبها ، وإلى هذه الغريزة ترجع عوامل الحسد والحقد والعناد والنفسنة  

 ٢- التكبر :

 يرى الأناني نفسه أفضل من الآخرين ، وأعلى وأعلم ، بسبب الاعتبار المضخم ، أو فكرة الإنسان عن نفسه ، فالإنسان الأناني ينظر إلى نفسه نظرة مضخمة.

وسبحان الله الذي حذر من التكبر بل وتوعد المتكبرين في أكثر من آية :

 ( أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ)، ( سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ )، ( قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)

 والأناني يرى أن فضله على الجميع وبدونه لفشل من حوله  

٣ـ حب الظهور « الرياء » :

 وحب الظهور والشهرة تعني رغبة الأناني أن يعرف الناس عنه أنه إنسان صالح أو غني أو كبير ، بهدف استقطاب الناس ، وتسخير قلوبهم ، من أجل التقرب منه ، ومدحه والثناء عليه ، لذلك فمحب الشهرة دائماً يذكر أعماله ومشاريعه وإنجازاته ، صغيرها وكبيرها ، وتارة يضيف عليها ما لم يعمل ، راغباً التعظيم والتفخيم والاحترام وكسب الآخرين .

يعظم جدا من عمله الأدنى ويبخس للآخرين عملهم مهما عظم فهو دائما الأفضل وأن الله يحبه دون غيره وأن الله ناصره ومخزي غيره 

 ٤- الغرور :

 الشعور بالقوة والعظمة والكمال ، فيتصور أنه في قمة الخير والفضل ، بينما الواقع خلاف ذلك ، فشأنه شأن العطشان الذي يبحث عن الماء فيتصوره في السراب الذي يتراءى له من بعيد وقد وردت احاديث كثيرة بشأن الغرور موضحة حقيقته وعاقبته ومحذرة منه. 

 و للإمام جعفر الصادق قولا في المغرور 

    « المغرور في الدنيا مسكين ، وفي الآخرة مغبون ، لأنه باع الأفضل بالأدنى ، ولا تعجب من نفسك ، حيث ربما اغتررت بمالك وصحة جسمك أن لعلك تبقى. 

    وربما اغتررت بحالك ومنيتك ، وأصابتك مأمولك وهواك ، وظننت أنك صادق ومصيب.

وربما اغتررت إلى الخلق ، أو شكوت من تقصيرك في العبادة ، ولعل الله يعلم من قلبك بخلاف ذلك. 

 وربما أقمت نفسك على العبادة متكلفاً والله يريد الإخلاص . 

    وربما افتخرت بعلمك ونسبك وأنت غافل عن مضمرات ما في غيب الله. 

    وربما توهمت أنك تدعو الله وأنت تدعو سواه. 

    وربما حسبت أنك ناصح للخلق ، وأنت تريدهم لنفسك أن يميلوا إليك . 

    وربما ذممت نفسك ، وأنت تمدحها على الحقيقة. 

    واعلم أنك لن تخرج من ظلمات الغرور ، والتمني إلا بصدق الإنابة إلى الله ، والاخبات له ، ومعرفة عيوب أحوالك من حيث لا يوافق العقل والعلم ، ولا يتحمله الدين والشريعة ، وسنن النبوة وأئمة الهدى ، وإن كنت راضيا بما أنت فيه ، فما أحد اشقى بعمله منك واضيع عمراً ، فأورثت حسرة يوم القيامة »

ثم ينتقل الأناني لمرحلة أخطر وهي معاداة الآخرين والعمل ضدهم وأنه سيحول حياتهم إلى جحيم

هذا ما سنتناوله في الجزء الرابع

قد يعجبك ايضا
تعليقات