القاهرية
العالم بين يديك

صناعة إعلام هادف

111

 

بقلم دكتورة سلوى سليمان 

يلعب الإعلام منذ بزوغ فجره دوراً مهماً في تحرير عقل الإنسان،وهذا ما أشار إليه الكاتب البريطاني ” ويلز ” في كتابه ” معالم تاريخ الإنسانية ” حين قال:” إن الورق حرر عقل الإنسان ” ، وتشكيل وصياغة الرأي العام،ومصطلح الرأي العام لم يظهر إلا في العصر الحديث و بصفة خاصة منذ الثورة الفرنسية، وحسب تعريف العالم ” فلويد أولبرت ” فهو عبارة عن: ” جمع من الأفراد يعبرون عن آرائهم في موقف معين، إما من تلقاء أنفسهم أو بناءً على دعوة موجهة إليهم تعبيراً مؤيداً أو معارضاً لمسألة معينة أو لشخص معين أو اقتراح ذي أهمية واسعة، بحيث تكون نسبة المؤيدين أو المعارضين ” في العدد ” و درجة اقتناعهم و ثباتهم و استمرارهم كافية لاحتمال ممارسة التأثير على اتخاذ إجراء معين بطريق مباشر أوغير مباشر تجاه الموضوع الذي هم بصدده ” فالإنسان كان دائماً بحاجة إلى وسيلة يراقب فيها الظروف والأحداث من حوله ليتأقلم معهم ، وبكل تأكيد فإنه يعد من أهم وسائل التعرف على الآخرين فينقلنا إلى هناك حيث نريد لنتعرف على تجارب وحضارات و مدن وتواريخ ما كان لنا أن نحصل عليها دون تلك الوسيلة. 

ولقد أطلق الكثيرون على الإعلام السلطة الرابعة و

يفسر ذلك المفكر الإسلامي الجزائري ” مالك بن نبي ” بقوله: ” إنها فعلاً سلطة، ذلك أن الصحيفة تحوّل الرأي العام في هذا الاتجاه أو ذاك، وتصبح أداة سلطة ذات أهمية كبرى، في عالم القرن العشرين ، ويسير كل ما فيه على مبدأ القوة والسيطرة، ويشير 

“نورمان دوجلاس” أن وسائل الإعلام هى الكيان الأقوى على وجه الأرض ،لديهم القدرة على جعل المذنب برئ وجعل الأبرياء مذنبين،وهذه هي السلطة .لأنها تتحكم في عقول الجماهير، ومع ذلك فهناك شروط يجب تحقيقها في المادة الإعلامية بهدف إحداث الاتصال الناجح، فنحن لا نستطيع أن نكتفي بالحياة

مجرد الحياة، ولا نستطيع أن نواصل وجودنا كبشر دون روح المعاشرة الاجتماعية، وبالكاد فالإعلام  

إذا أراد أن يكون في المستوى المطلوب، فيجب أن يعبّر عن فكرة سليمة ويكون هدفه نبيلاً فأي عمل

سليم يقوم به الإنسان يجب أن يكون وراءه فكرةٌ سليمة ، حتى يكون ناجحاً ومثمراً مع حتمية 

أن يقدم بأسلوب بسيط، مميز كي يكون عامل جذب ويلقي تأثيرا وصدي في نفوس وعقول المتلقين

، فكما أنّ للفكرة أهمية في نجاح مهمة الإعلام، فكذلك الأُسلوب الجيد، فيجب على مَن يتولى مهمة الإعلام أن يكون ذا دراية كافية في كيفية مخاطبة الناس وإقناعهم.فهناك الكثير ممن يحمل أفكارا جيدة وسليمة

ولكن أُسلوبهم في التعامل لا ينسجم مع الآخرين 

، فغالباً يكون مصيرهم الفشل وتخفق علاقاتهم، وهذا من أهم الأخطار التي غزت عالمنا اليوم، فبعض القائمين على مؤسسات الإعلام في عالمنا يحملون أفكاراً جيدة، ولكن لا يملكون الأُسلوب المناسب في التعامل، مما يقودهم إلى الفشل في مهمتهم.

وقد مرت الوسائل التي تستخدم كآلة لنشر الإعلام بمراحل مختلفة من عصر إلى آخر، ففي العصور الماضية، وإلى وقت قريب، كان يقع على الإنسان منفرداً مهمة الإعلام، أمّا في عصرنا هذا، عصر التطور الصناعي ونتيجة للطفرة العلمية التي حققها العالم، فإنّ الأجهزة الإلكترونية الحديثة والأقمار الصناعية، وكذلك النشرات الإعلامية والصحف، ساهم كلّ ذلك في رفع مستوى الإعلام وتطوره،

 وأخيرا… فالحرب الحقيقية في حياة الأمم هي الحرب

الإعلامية والتنافس المعلوماتي الذي غدا رأس مال الأمم المستقبلي،ومن يملك المعلومة يملك القرار

الصائب و النظرة المستقبلية.

قد يعجبك ايضا
تعليقات