القاهرية
العالم بين يديك

أمل مجنون

210

بقلم / نيرة رزق

تتجهُ الممرضةُ إلى الغرفةِ الأماميةِ في آخرِ الممرِّ وتطرقُ البابَ الأبيضَ الكبيرَ الذي أمامها طرقةً واحدةً، ثم تدخلُ دون انتظارِ الردِّ، كانتْ تحملُ صينيةَ العلاجِ وتغلقُ البابَ خلفها.
تدخلُ الغرفةَ وتكونُ ككوبِ لبنٍ كبيرٍ مسكوبٍ في كلِّ مكانٍ، كلُّ الغرفةِ باللونِ الأبيضِ، الأسقفُ والجدرانُ والسريرُ الحديديُّ المتوسطُ الحجمِ الذي يتوسطُ الغرفةَ، ويجلسُ عليهِ المريضُ رقم 110 وهو يتحركُ في حركةٍ أماميةٍ مضطربةٍ ولا يتوقفُ عنها، تأتي الممرضةُ بجانبِهِ وهي تحملُ العلاجَ وتمدُّ يديها بالدواءِ، ولكنهُ لا ينظرُ إليها حتى، فتعطيهِ الدواءَ بالإجبارِ، ثم تتركُه وتغادرُ دون أن تقولَ له كلمةً واحدةً كما هو المعتادُ لها مع كلِّ مريضٍ.
وما أن تخرجَ وتغلقَ البابَ خلفها حتى ينظرَ المريضُ باتجاهِ البابِ، وفجأةً يفتحُ عينيهِ في فزعٍ ويجدُ نفسَهُ نائمًا في منزلهِ، ويستيقظُ على أصواتِ صراخٍ قويةٍ قادمةٍ من الغرفةِ المجاورةِ لهُ، جعلَ الصوتُ قلبَهُ ينتفضُ بقوةٍ، وركضَ إلى الغرفةِ التي كانت غارقةً في الظلامِ، وما أن فتحَ النورَ بجانبهِ حتى وجدَ أصعبَ مشهدٍ شاهدَهُ في حياتِهِ..
وجد ابنَهُ الصغيرَ ساقطًا على الأرضِ غارقًا في دمائِه إثرَ ضربةِ سكينٍ قويةٍ تعرضَ لها جعلته يفقدُ كلَّ قوتِه، وكانت السكينُ ملقاةً على الأرضِ بجانبِهِ، وكانت الدماءُ تتساقطُ بقوةٍ دونَ توقفٍ، أمسكَ الأبُ السكينَ وأبعدَها فورًا، وحاولَ وضعَ قطعةِ قماشٍ بيضاءَ اللونِ مكانَ الجرحِ لوقفِ النزيفِ، لكن دون جدوى، فيبدو أن السكينَ اخترقتْ أحدَ الأعضاءِ الهامةِ، وبينما كان الأبُ يجلسُ بجانبِ رأسِ ابنهِ في عجزٍ ويداهُ مليئتانِ بالدماءِ، مد ابنُهُ يديه وأمسكَ يدَ والده، وهمسَ له ببعضِ الكلماتِ وهو في حالةٍ من الألمِ الواضحةِ، وقبل أن يجيبَ الأبُ عليهِ أغمضَ الابنُ عينيهِ وسقطتْ يداهُ على الأرضِ، وانقطعتْ أنفاسُهُ، وسقطتْ دموعُ الأبِ في عجزٍ
وفجأةً تعرضَ لضربةٍ قويةٍ علي رأسهِ من الخلفِ جعلتهُ يفقد الوعيَ، ويسقطُ بجانبِ ابنهِ.

“الي اللقاء في الجزء الثاني “.

قد يعجبك ايضا
تعليقات