القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

حبال البخل الفولاذية

166

بقلم خالد الدسوقي

الحياه دائما مليئة بالأشياء البالية الوهميه تلك الأشياء التي يظن معظم البشر دائما أنها أشياء حقيقية بل يظنون بأكثر من ذلك حيث يرون أنها تكون من منظورهم الخاص هى أكثر الأشياء كمالا بالعالم معتقدين أنها سوف تظل دائما غير قابله للإزالة قد تتمثل تلك الأشياء البالية بالمال وبعضها قد يتمثل بالحب وبعضها قد يتمثل بالسلطة و البعض الأخر قد يتمثل بالجمال المظهرى تلك الأشياء البالية قد تجرد البشر من سمات جميله يتحلون بها نتيجة الإفراط والتوهم بهذه الأشياء البالية فهى تكون أشبه بحبال قوية للغاية تكون تلك الحبال وهميه لكنها أصلب من الفولاذ فهى تقوم بتقييد يدى الإنسان و قدميه وعينيه و عقله وفمه فتكون نتيجة هذه الحبال الفولاذية أنها تجعل الإنسان غليظ القلب شديد البخل نتيجة تعلقه الشديد بالمال و قد تجعل تلك الحبال الفولاذية السلطة والتعلق بها بالنسبة للإنسان إنسانا متغطرسا غير مبالى بالأشخاص ممن حوله كذلك أيضا قد تجعل هذه الحبال الجمال من المرأة الجميلة إنسانة مريضة بالغرور غير مدركة انها سوف تصبح يوما ما عجوزا فيرحل هذا الجمال المظهرى الذى تتباهى به ويبقي العجز كذلك قد تؤثر هذه الحبال الفولاذية على الشخص بالحب فتجعله يتعلق تعلقا كبيرا كتعلق الإنسان بفتاه فيحبها حبا شديدا غير مدرك أنها في يوم من الأيام قد تتوفي وترحل من هذه الحياه فكما يقولون دائما لكل بدايه نهايه ولكل نهايه بداية ولكل طريق نهايه ولكل شباب شيخوخة و لكل حب نهايه كذلك هى الحياه دائما مثل الطريق التى تسير به إلى وجهتك ذلك الطريق الذى يبدأ من لحظه إنطلاقك محددا وجهتك حتى وصولك لنهايته بوصولك إلى هذه الوجهه 

تلك هي كلماتى التى نطقتها شفتاى وتحدثت بها إلى نفسي عندما كنت أسير في قريتى برفقة أحد أصدقائي فإذا بنا نشاهد أحد الجيران بقريتى يسير مهموما قد تعلق بماله تعلقا كبيرا حيث كان هذا الشخص شخصا كريم الخلق مثابرا بحياته قد بنى لذاته مستقبلا جميلا بتعبه الكثير في حياته حتى وصل إلى مراده فأصبح يمتلك الكثير من المال لكن هذا المال قد جعله يتجرد من سماته الكريمه فأصبح شديد البخل لنفسه ولأل بيته حتى أدى هذا البخل إلى حدوث طلاق بينه وبين أبنائه فأصبح يبكى ليلا ونهارا لفراق هذه الزوجة و أبنائه الذين رحلوا مع زوجته فور طلاقهم لتعلقه الشديد بماله وتخليه عن مبادئه الجميلة غير مصدقا أن هذا المال قد ينتهى في يوما من الأيام وإنما مايدوم هى السمات الطيبه تلك السمات التي تترسخ بالإنسان التى قد يتعلمها من عائلته من لحظه ولادته تلك السمات التي تجعل الآخرون يتقربون إليه بالحب والعطاء والود 

فأخذت أحدث ذاتى هل يمكن أن يكون هناك بعضا من البشر يجهلون حقيقه تلك الأشياء البالية التي تكون زائلة مهما بقيت ؟! 

فرجعت إلى ذاتى أجاوبها قائلا :كيف لايكون هناك أشخاص مثل هؤلاء فلقد مر على هذا التاريخ أشخاصا اعتقدوا أن تلك الأشياء باقيه وغير زائله كانت إحدى هذه الشخصيات هى شخصية رجلا عرف عنه التقوى والورع و التواضع والتدين كانت تعيش تلك الشخصية في عهد الدولة الأموية قد تربت على مبادئ الشريعة الإسلامية الصحيحة لكن هذه الشخصية كانت جاهله أن هناك أشياء لاتدوم ولها نهاية كانت هذه الشخصية هى الخليفة يزيد بن عبد الملك ولى عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز تلك الشخصية التي سيطرت عليها حبال البخل الفولاذية فقامت بتقييده كان ذلك عندما أحب جارية تدعى حباية حبا شديدا انصرف بها عن أمور الدولة والحكم وانجرف عن مبادئه التى تربي عليها حتى توفيت تلك الجارية وتم دفنها فأخذ يهيم على وجهه في الطرقات غير مصدقا أنها توفيت حتى قام بنبش قبرها وأخذ جثتها ووضعها بمنزله إلا أن عرف الناس فقاموا بارجاعها مرة أخرى إلى قبرها ليسيطر عليه الحزن ويتوفي من جراء هذا الحزن الذى ناله لضيق تفكيره بأن لكل حياه موت ولكل شيء نهايه 

فما اغرب هذه الحياه التى يتمسك بها الأشخاص بتلك الأمور الباليه الزائلة ؟

فرغم اختلاف الزمان والمكان والعصر و التاريخ والأشخاص والحاضر متمثلا بتعلق الشخص الشديد بماله جعله يخسر أطفاله وزوجته والماضي متمثلا بتعلق الخليفة يزيد بن عبد الملك بجاريته حبايه التى ارتبط بحبها حبا شديدا فخسر حياته لأجلها إلا أن كلا الشخصيتين جمع بينهما شيء واحد هو تقييد كلا الشخصيتين بحبال البخل الضيقة التي جعلت الخليفة يزيد بن عبد الملك بخيلا بتعلقه بمحبوبته التى ارتبط بها غير مدركا أنه مهما عاشت لابد أن تموت و جعلت أحد جيرانى يخسر عائلته لأجل هذا البخل الشحيح به .

قد يعجبك ايضا
تعليقات