القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

بيت الله الحرام “الجزء العاشر”

94

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع بيت الله الحرام، وكان أمام عبد الله بن الزبير أمران إما أن يرمم الكعبة أو أن يهدمها ثم يعيد بنائها، فقرر هدم الكعبة وأعاد بنائها على قواعد النبي إبراهيم عليه السلام، وكان ارتفاعها سبعة وعشرون ذراعا وعرض جدرانها ذراعين، كما جعل لها بابين شرقي للدخول وغربي للخروج، كما قام ابن الزبير بتوسعة المسجد الحرام، وقد تمت هذه التوسعة في السنة الخامسة والستين هجرية، وضاعفت من مساحة المسجد وبلغت مساحته عشرة آلاف متر مربع، وفي عهد عبد الملك بن مروان عهد إلى الحجاج بن يوسف الثقفي بالسير إلى مكة للقضاء على ابن الزبير فزحف الحجاج إلى مكة في موسم الحج ونصب المـجانيق، فتحصن ابن الزبير في المسجد وأخذت أحجار المنجنيق تتساقط على المسجد. 

 

وبسبب هذا القصف احترقت الكعبة، فأضطر ابن الزبير إلى الخروج للقتال مع جماعة من أتباعه حتى قتل جميع أتباعه وانتهى الأمر بقتل ابن الزبير، وبعد أن سيطر الحجاج على مكة كتب إلى الخليفة عبد الملك بن مروان أن ابن الزبير قد زاد في البيت ما ليس فيه وقد أحدث فيه بابا آخر، فكتب إليه عبد الملك أن سد بابها الغربي وأهدم ما زاد فيها من الحجر، فهدم الحجاج منها ستة أذرع وبناها على أساس قريش وسد الباب الغربي وسد ما تحت عتبة الباب الشرقي لارتفاع أربعة اذرع ووضع مصراعان يغلقان الباب، وفي عهد الوليد بن عبد الملك كانت عمارة التوسعة الرابعة للمسجد وذلك في السنة الواحد والتسعين هجرية، وذلك بعد سيل جارف أصابها، وقد زاد من مساحة المسجد، وأجمع الكثير من المؤرخين. 

 

على أن الوليد بن عبد الملك كان أول من استعمل الأعمدة التي جلبت من مصر والشام في بناء المسجد الحرام، وكان عمل الوليد عملا محكما بأساطين الرخام، وقد سقفه بالساج، وجعل على رؤوس الأساطين الذهب وأزّر المسجد من داخله بالرخام، وجعل على وجوه الطيقان الفسيفساء، وشيد الشرفات ليستظل بها المصلون من حرارة الشمس، وقدرت زيادته بألفين وثمانى مائة وخمسة مترات، ولم يعمر أحد المسجد الحرام منذ توسعة الوليد من بقية خلفاء بني أمية أو بداية الخلافة العباسية، حتى جاء عهد الخليفة العباسي الثاني أبي جعفر المنصور الذي زاد في توسعة المسجد الحرام سنة مائة وسبعة وثلاثون هجرية، فأضاف إلى مساحته من الشمال والغرب، وكانت زيادته ضعف الزيادة السابقة أي توسعة الوليد بن عبد الملك.

 

وقد أمر أبي جعفر المنصور بتشييد منارة بالركن الشمالي والغربي، كما أمر بتبليط حجر إسماعيل بالرخام وأمر بتغطية فوهة بئر زمزم بشباك لمنع السقوط بالبئر، وعندما حج الخليفة العباسي الثالث محمد المهدي حجته الأولى سنة مائة وستون هجرية، أمر بزيادة مساحة المسجد الحرام إلى ضعف مساحته التي كان عليها، وكانت التوسعة من الجانبين الشمالي والشرقي، ولكن بهذه الزيادة لم تبق الكعبة في الوسط، وحينما لاحظ محمد المهدي ذلك أثناء حجته الثانية سنة مائة وأربعة وستون من الهجرة أصدر أمره بتوسعة الجانب الجنوبي، وصعد محمد المهدي على جبل أبي قبيس ليتأكد من أن الكعبة في وسط الفناء، ولما كان وجود مجرى السيل في هذه الجهة عائقا فنيا في سبيل التوسعة من الناحية الجنوبية، أمر محمد المهدي بتحويل مجرى السيل. 

 

وإكمال مشروع التوسعة من الجنوب، إلا أنه لم يعش ليرى إتمام عمله، فأكمله ابنه موسى الهادي في عام مائة وسبعة وستون من الهجرة وبهذه الزيادة تضاعفت مساحة المسجد الحرام تقريبا، وبقي المسجد على حاله ولم تذكر كتب التاريخ أي توسعة منذ عهد موسى الهادي إلى سنة مائتان وواحد وثمانون من الهجرة أى في عهد المعتضد، حيث شهد المسجد الحرام بعض الترميمات والتوسعة، وأمر المعتضد بهدم دار الندوة وجعلت رواقا من أروقة المسجد، وأدخل فيها من أبواب المسجد ستة أبواب كبيرة، وأقيمت فيه الأعمدة، وسقف بخشب الساج، كما عمل لها اثني عشر بابا من الداخل، وثلاثة أبواب من الخارج، وتمت الزيادة في ثلاث سنوات، وفي سنة ثلاثة مائة وستة من الهجرة، أضاف المقتدر بالله مساحة دارين للسيدة زبيدة إلى مساحة المسجد.

قد يعجبك ايضا
تعليقات