القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

داهية العرب ” الجزء الثامن عشر “

60

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

داهية العرب، وقد توقفنا عندما قال الخليفه أبو بكر الصديق رضى الله عنه فى كتابه وإعلم يا عمرو أن معك المهاجرين والأنصار من أهل بدر، فأكرمهم واعرف حقهم، ولا تتطاول عليهم بسلطانك، ولا تداخلك نجدة الشيطان، فتقول إنما ولاني أبو بكر لأني خيرهم، وإياك وخداع النفس، وكن كأحدهم وشاورهم فيما تريد من أمرك، والصلاة ثم الصلاة، أذن بها إذا دخل وقتها، ولا تصل صلاة إلا بأذان يسمعه أهل العسكر، ثم إبرز وصل بمن رغب في الصلاة معك، فذلك أفضل له، ومن صلاها وحده، أجزأته صلاته، وإحذر من عدوك، وأمر أصحابك بالحرس، ولتكن أنت بعد ذلك مطلعا عليهم، وأطل الجلوس بالليل على أصحابك، وأقم بينهم وأجلس معهم، ولا تكشف أستار الناس واتق الله إذا لاقيت العدو. 

 

وإذا وعظت أصحابك فأوجز، وأصلح نفسك تصلح لك رعيتك، فالإمام ينفرد إلى الله تعالى فيما يعلمه وما يفعله في رعيته، وإني قد وليتك على من قد مررت من العرب، فاجعل كل قبيلة على حميتها، وكن عليهم كالوالد الشفيق الرفيق، وتعاهد عسكرك في سيرك، وقدم قبلك طلائعك فيكونوا أمامك، وخلف على الناس من ترضاه، وإذا رأيت عدوك، فاصبر ولا تتأخر فيكون ذلك منك فخرا، والزم أصحابك قراءة القرآن، وانههم عن ذكر الجاهلية وما كان منها، فإن ذلك يورث العداوة بينهم، وأعرض عن زهرة الدنيا حتى تلتقي بمن مضى من سلفك، وكن من الإئمة الممدوحين في القرآن إذ يقول الله تعالى ” وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين” 

 

وقد توجه عمرو بن العاص إلى إيليا حتى وصل إلى أرض فلسطين، فلما نزل المسلمون بفلسطين جمع عمرو المسلمين المهاجرين والأنصار وشاورهم في أمرهم فبينما هم في المشورة إذ أقبل عليهم عدي بن عامر يخبرهم باجتماع جيش العدو وأنهم أزيد عن مائة ألف فارس، فجلس عمرو للمشورة، فخاف البعض واقترحوا العودة إلى البيداء، فقال رجل من المهاجرين، لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهزم الجمع الكثير بالجمع القليل، وقد وعدكم الله النصر، وما وعد الصابرين إلا خيرا، فقال سهل بن عمرو، أما أنا فلا رجعت عن قتال الكفرة، ولا رددت سيفي عنهم، فمن شاء فلينهض ومن شاء فليرجع، ومن نكص على عقبيه، فأنا وراءه بالمرصاد، فقام عمرو بن العاص بعقد الراية وأعطاها عبد الله بن عمر بن الخطاب.

 

وضم إليه ألف فارس فيهم رجال من الطائف ومن ثقيف وأمرهم بالمسير للقاء جيش الروم، والتقى بطليعة من جيش الروم، وانهزم الروم، فرجع المسلمون واجتمع بعضهم على بعض وجمعوا الغنائم والأموال، وقد قتل من المسلمين سبعة نفر فواروهم تحت التراب وصلى عليهم ابن عمر وانعطف الجيش إلى عمرو بن العاص، وفي اليوم التالي تجمع الروم في عشرة آلاف فارس، وأقبل عمرو بن العاص ورتب أصحابه وجعل في الميمنة الضحاك بن قيس الفهري، وفي الميسرة سعيد بن خالد، وأقام على الساقة أبا الدرداء وعمرو على القلب ومعه أهل مكة وأمر الناس يقرأون القرآن، وقد ثبت الروم في المعركة، وقُتل من المسلمين مائة وثلاثون رجلا، ويروي الواقدي عن ابن عمر قوله ” فقتلنا في هذه الواقعة قريبا من خمسة عشر ألف فارس وأكثر. 

 

ولم نزل في آثارهم إلى الليل وعمرو بن العاص قد فرح بالنصر” وانتصر المسلمون، وندب عمرو الناس إلى الصلاة، فصلى ما فاته كل صلاة بأذان وإقامة، وسمى الواقدي هذه المعركة بيوم فلسطين، ثم كتب عمرو بن العاص إلى أبي عبيدة بن الجراح، كتابا يقول فيه ” بسم الله الرحمن الرحيم، من عمرو بن العاص إلى أمين الأمة، أما بعد فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وإني قد وصلت إلى أرض فلسطين، ولقينا عساكر الروم مع بِطريق يقال له روبيس، في مائة ألف فارس فمَنَّ الله بالنصر وقُتل من الروم خمسة عشر ألف فارس، وفتح الله على يدي فلسطين بعد أن قُتل من المسلمين مائة وثلاثون رجلا فإن احتجت إلي سرت إليك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته”

قد يعجبك ايضا
تعليقات