القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

داهية العرب ” الجزء واحد وعشرون “

84

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء واحد وعشرون عشر مع داهية العرب، وقد توقفنا عندما فتح عمرو بن العاص نابلس، وأعطى أهلها الأمان على أنفسهم وأموالهم ومنازلهم على أداء الجزية والخراج،

ثم فتح اللد ونواحيها ويبنى وعمواس وبيت جبرين، ثم هبط جنوبا ففتح رفح، وفي رواية أنه فتح عسقلان، وكان قد فتح غزة في عهد أبي بكر الصديق، وحاصر قيسارية التي كانت من أشهر المدن آنذاك، وكما قاد عمرو بن العاص عملية حصار بيت المقدس بوصفه قائد الجبهة الفلسطينية، وواجه مقاومة ضارية من جانب حاميتها وسكانها، ووجد مشقة بالغة في امتصاص الهجمات البيزنطية، فأرسل إلى الأرطبون يطلب منه التسليم مثل بقية المدن ووعده بالأمان، وقد استعمل البيزنطيون المجانيق من فوق الأسوار، وطال أمد الحرب، واضطر عمرو بن العاص. 

 

في هذه الظروف القتالية الصعبة، أن يكتب إلى عُمر بن الخطاب في المدينة المنورة يطلب منه المساعدة، فاستجاب لطلبه وأرسل إلى أبي عبيدة بن الجراح لينجده، وصحبه خالد بن الوليد، وأرسل إلى يزيد بأن يبعث أخاه معاوية لفتح قيسارية كي يشغل البيزنطيين على أكثر من جبهة، كما خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بنفسه إلى الشام ليكون قريبا من مجرى الأحداث، وقد تسلم أبو عبيدة بن الجراح فور وصوله قيادة القوات الإسلامية، وعلموا أن الخليفه عمر بن الخطاب آت فأدركوا أن مدينتهم لن تستطيع الاستمرار بالمقاومة وأن سقوطها أضحى مسألة وقت، فانسحب الأرطبون مستخفيا في قوة من الجند إلى مصر، وتسلم بطريرك المدينة صفرونيوس مقاليد الأمور، فعرض عليه أبو عبيدة الإسلام أو الجزية أو الحرب.

 

واختار البطريرك تسليم المدينة للخليفه عمر بن الخطاب شخصيا، وقد استلم أمير المؤمنين عُمر بن الخطاب، فور قدومه مفاتيح القدس، وأعطى عمر النصارى ما يعرف بالعهدة العمرية، وفي السنة الثامنه عشر من الهجرة، أو قيل فى السنة السابعة عشر، قد انتشر الطاعون في ولاية بلاد الشام الإسلامية، وهو ما عرف بطاعون عمواس، وأصيب أبو عبيدة بالطاعون، فقالوا لمعاذ بن جبل صلي بالناس، ثم أصيب معاذ بن جبل ومات، فاستخلف أبو عبيدة على الشام عمرو بن العاص، فقام عمرو في الناس خطيبا، فقال ” أيها الناس، هذا الطاعون رجس، فتفرقوا عنه فى هذه الشعاب وفي هذه الأودية ” فقال شرحبيل بن حسنة ” صحبت رسول الله وعمرو أضل من حمار أهله، ولكنه رحمة ربكم ودعوة نبيكم ووفاة الصالحين قبلكم” 

 

ويشير شرحبيل إلى الحديث النبوي الشريف، وفي تاريخ الطبري أن الذي رادَّ على عمرو بن العاص هو أبو وائلة الهذلي، وأن عمرو قال ” والله ما أرد عليك ما تقول، وايم الله لا نقيم عليه ” ثم خرج وخرج الناس فتفرقوا، ورفع الطاعون عنهم، قال، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب من رأي عمرو بن العاص، فاستحسنه، ثم مات أبو عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان، واستخلف عمر بن الخطاب رضى الله عنه، معاوية بن أبي سفيان على جند دمشق وخراجها، وأمَّر شرحبيل بن حسنة على جند الأردن وخراجها، وقد اجتمع عمرو بن العاص بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب في الجابية حين جاء إلى الشام ليتفقد أحوالها بعد طاعون عمواس، وعرض عليه فتح مصر وطلب السماح له بالمسير إليها وقال له.

 

 

” إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعونا لهم، وهي أكثر الأرض أموالا وأعجزها عن القتال والحرب ” وبينما تذكر بعض المصادر أن فكرة فتح مصر تعود إلى الخليفه عمر بن الخطاب نفسه الذي أمر عمرو بن العاص بالمسير إليها، فعهد إليه قيادة الفتح ووضع بتصرفه ثلاثة آلاف وخمسمائة جندي، وقيل أربعة آلاف أو خمسة آلاف، وطلب منه أن يجعل ذلك سرا وأن يسير بجنده سيرا هنيا، وهكذا سار عمرو بن العاص إلى مصر مخترقا صحراء سيناء ومتخذا الطريق الساحلي، ومع ذلك بقي الخليفة عمر بن الخطاب مترددا، حتى يبدو أنه عدل عن موافقته فأرسل كتابا إلى عمرو بن العاص وهو برفح فلم يستلمه ويقرأه إلا بعد أن دخل حدود مصر، ويعتقد البعض أن تلك كانت حيلة بارعة جعلته يزحف نحو مصر دون أن يخالف أمر الخليفة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات