القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

داهية العرب ” الجزء ثلاثة وعشرون “

78

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء ثلاثة وعشرون عشر مع داهية العرب، وقد توقفنا عندما ركز عمرو بن العاص جهوده العسكرية على فتح الحصن، فسار إليه في شهر شوال فى السنة التاسعة عشر من الهجرة، وحاصره، ولم يكن قد أحكم سيطرته على الطرق المائية بعد، وبادر عدد من حكام الروم بالخروج إلى الإسكندرية تاركين الحامية تتولى مهمة الدفاع عنه، ومما زاد في إحباطهم وخوفهم أن بعض المصريين اعتنقوا الإسلام وانضموا إلى الجيش الإسلامي بقيادة عمرو بن العاص، فكانوا له أعوانا وأدلاء يصحبونه ويدلونه على الطرق والمواقع، ويخبروه عن أسرار وأوضاع الروم، وقد خير عمرو بن العاص المقوقس بين الإسلام أو الجزية أو القتال، وأرسل لهم عبادة بن الصامت، فاستقبله الروم والمصريون حيث طمأنهم بأنهم سيكونون آمنين على أنفسهم وأموالهم. 

 

وعلى كنائسهم وصلبانهم ونسائهم وذراريهم إن هم قبلوا دفع الجزيه، وطلب المقوقس من عمرو بن العاص المهادنة مدة شهر للتفكير في الأمر، فمنحه ثلاثة أيام، وغادر المقوقس حصن بابليون وتوجه إلى الإسكندرية، حيث أرسل عهد الصلح إلى القسطنطينية وطلب موافقة هرقل عليه، لكن هرقل رفض الصلح، واتهم المقوقس بالتقصير والخيانة، ونفاه، واستأنف الطرفان القتال، ووصل نبأ وفاة الإمبراطور هرقل إلى حامية الحصن، فاضطربوا لموته، وتراجعت قدرتهم القتالية، مما أعطى الفرصة للمسلمين لتشديد الحصار قبل أن يقتحموا الحصن في واحد وعشرين من شهر ربيع الآخر سنة عشرين للهجرة، واعتلى الزبير بن العوام مع نفر من المسلمين، السور، وكبروا، فظن أهل الحصن أن المسلمين اقتحموه. 

 

فهربوا تاركين مواقعهم، فنزل الزبير وفتح باب الحصن لأفراد الجيش الإسلامي فدخلوه، وأعطى عمرو بن العاص أهل الحصن عهدا كان نصه ” هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبهم وبرهم وبحرهم، لا يزيد شيء في ذلك ولا ينقص، ولا يساكنهم النوب وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصلح وانتهت زيادة نهرهم خمسين ألف ألف وعليه ممن جنى نصرتهم، فإن أبى أحد منهم أن يجيب رفع عنهم من الجزى بقدرهم وذمتنا ممن أبى برية وإن نقص نهرهم من غايته إذا انتهى رفع عنهم بقدر ذلك ومن دخل في صلحهم من الروم والنوب فله ما لهم وعليه ما عليهم ومن أبى واختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه ويخرج من سلطاننا وعليهم ما عليهم أثلاثا.

 

في كل ثلث جباية ثلث ما عليهم على ما في هذا الكتاب عهد الله وذمته وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذمة الخليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وذمم المؤمنين وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأسا وكذا وكذا فرسا على أن لا يغزوا ولا يمنعوا من تجارة صادرة ولا واردة، وقد شهد الزبير وعبد الله ومحمد، ابناه، وكتب وردان وحضر، وقد طلب عمرو بن العاص من الخليفة عمر بن الخطاب أن يأذن له بالزحف نحو الإسكندرية لفتحها، فأذن له بالزحف نحو الإسكندرية لفتحها، فأذن له، وقد ترك حامية عسكرية في حصن بابليون بقيادة خارجة بن حذافة، ولم يجد عمرو أي مقاومة عسكرية طوال طريقه، إلا في نقيوس الواقعة على بعد عدة فراسخ من منوف، وفي قرية سلطيس، وعند حصن كريون آخر سلسلة الحصون قبل الإسكندرية. 

 

حتى وصل الإسكندرية في منتصف شهر رجب فى سنة عشرين من الهجرة، ولقد كانت الإسكندرية مدينة منيعة، ذات حصون عظيمة، وقد عسكر الجند المسلمون بالقرب منها، وقام بتشديد الحصار على المدينة، ونقل عمرو بن العاص معسكره إلى مكان بعيد عن مرمى المجانيق، بين الحلوة وقصر فارس، وقد استمر الوضع على ذلك مدة شهرين، وشن الغارات على مدن دلتا النيل، وأبقى معظم جنوده على حصار الإسكندرية، وقد نجحت الفرق العسكرية الإسلامية هذه بالسيطرة على ما تبقى من قرى وبلدات بقية الوجه البحري، وقد استبطأ الخليفة عمر بن الخطاب نبأ فتح الإسكندرية، فأرسل إلى عمرو يعظه ويستعجله وينبهه على أن النصر لن يكون حليف المسلمين إلا لو أخلصوا النية، وطلب منه أن يخطب في الناس ويحضهم على قتال عدوهم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات