القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

داهية العرب ” الجزء السادس عشر “

77

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس عشر مع داهية العرب، وقد توقفنا عندما كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يتعجب من عدم إسلام عمرو مُبكرا، فقال له “لقد عجبت لك في ذهنك وعقلك كيف لم تكن من المهاجرين الأولين” فقال له عمرو “وما أعجبك يا عمر من رجل قلبه بيد غيره لا يستفز التخلص منه إلا إذا أراد الله الذي هو بيده” فقال عمر بن الخطاب “صدقت” وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يرسل السرايا إلى القبائل والأعراب يدعوهم إلى الإسلام، ودخل الكثير منهم في حلف النبي صلى الله عليه وسلم، لكن بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن جمعا من قبيلة قضاعة يريدون غزو أطراف المدينة وحلفها، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم، عمرو بن العاص أن يخرج إليهم في جمادي الآخرة فى السنة الثامنه من الهجرة، وعقد له لواء أبيضا وجعل معه راية سوداء وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار ومعه ثلاثون فرسا. 

 

وأمره أن يستعين بمن يمر به من قبائل بلي وعذرة وبلقين، ولما قرب عمرو من القوم، بلغه أن عددهم كبير، فبعث رافع بن مكيث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه المدد، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، بإمداده بمائتين من المهاجرين والأنصار برئاسة أبي عبيدة بن الجراح وعقد له لواء وفيهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وأمره أن يلحق بعمرو بن العاص وأن يكونا جميعا ولا يختلفا، فلحق بعمرو فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس للصلاة، فقال عمرو “إنما قدمت عليَّ مددا وأنا الأمير” وأصر عمرو أن يبقى رئيسا على الجميع فقبل أبو عبيدة، وقد سار عمرو بن العاص بالسرية حتى دخل بلاد بلي ودوخها حتى أتى إلى أقصى بلادهم وبلاد عذرة وبلقين، حتى نزلوا ذات السلاسل، وهي وراء وادي القرى وبينها وبين المدينة عشرة أيام. 

 

وتقاتلا فهرب مقاتلو قضاعة، وتفرقوا، وبعث عوف بن مالك بريدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يخبره بانتصارهم، وعندما هرب جيش قضاعة أراد بعض المسلمين ملاحقتهم، فرفض عمرو ذلك، ثم أراد بعض المسلمين أن يوقدوا نارا للتدفئة، فرفض عمرو أيضا، فلما عادوا اشتكوا للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد برر هذا الموقف بعد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، حين سأله أنه قال “كرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد فيعطفوا عليهم، وكرهت أن يوقدوا نارا فيرى عدوهم قلتهم” فحمد النبي صلى الله عليه وسلم، ما فعل، وبعد فتح مكة، وبعدما حطم المسلمون أشهر أصنام العرب اللات والعزى ومناة المنصوبة حول الكعبة، تبقى صنم آخر شهير عند العرب، وهو صنم سواع، وهو صنم لهذيل على ثلاثة أميال من مكة.

 

وكان هذا الصنم على صورة امرأة يحجون إليه ويعبدونه، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم، عمرو بن العاص في جماعة من أصحابه إلى سواع ليهدمه، فلما وصل إليه وعنده السادن قال ما تريد؟ فقال عمرو بن العاص أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهدمه، قال لا تقدر على ذلك، فقال له عمرو لم؟ قال تُمنع، قلت حتى الآن أنت في الباطل؟ ويحك وهل يسمع أو يبصر؟ ثم دنا منه عمرو فكسره وأمر أصحابه فهدموا بيت خزانته، فلم يجدوا فيه شيئا ثم قال للسادن كيف رأيت؟ قال أسلمت لله، وقد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم، إلى ملكي عُمان جيفر وعباد ابني الجلندي بكتاب يدعوهما إلى الإسلام، وكان دين البلدة المجوسية وكان نص الكتاب ” بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى جيفر وعباد ابنى الجلندي، سلام على من اتبع الهدى، 

 

أما بعد فإني أدعوكما بدعاية الإسلام، أسلما تسلما، فإني رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، وإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل عنكما، وأسلم أهل عُمان على يديه، وعيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم، واليا على الزكاة والصدقات بها، وظل هناك سنتين تقريبا حتى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أتاه كتاب أبي بكر الصديق مختوما وفيه” أن لا يحل عقالا عقله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن لا يعقل عقالا لم يعقله رسول الله صلى الله عليه وسلم” فلما قرأ الكتاب بكى، وأعلم أهل عمان الخبر، وقد أرسل الخليفة أبو بكر الصديق في طلب عمرو، فأقبل حتى قدم بلاد بني عامر، ونزل على قرة بن هبيرة، وكان قرة قد ارتد عن الإسلام.

قد يعجبك ايضا
تعليقات