القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

داهية العرب ” الجزء السابع عشر “

60

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع عشر مع داهية العرب، وقد توقفنا عندما أرسل الخليفة أبو بكر الصديق في طلب عمرو، فأقبل حتى قدم بلاد بني عامر، ونزل على قرة بن هبيرة، وكان قرة قد ارتد عن الإسلام، فلما أراد عمرو الرحيل خلا به قرة وقال “يا هذا، إن العرب لا تطيب لكم نفسا بالإتاوة فإن أعفيتموها فستسمع لكم وتطيع، وإن أبيتم فلا تجتمع عليكم” فقال له عمرو “أكفرت يا قرة؟ تخوفنا بردة العرب، فوالله لأوطئن عليك الخيل في حفش أمك” ولما وصل عمرو المدينة أخبر المسلمين بما رآه، وأن العساكر معسكرة من دبا إلى المدينة، وولاه أبو بكر الصديق، على جيش كثيف من المسلمين لحرب قضاعة، الذين حاربهم من قبل في سرية ذات السلاسل، وانتصر عمرو عليهم، وبعد انتهاء حروب الردة عاد عمرو إلى عمان.

 

وعلى الجانب الآخر نجحت المناوشات العسكرية بين المسلمين والفرس، وقد تطور هجوم المسلمين نحو العراق، وسرعان ما حقق المسلمون نجاحات واسعة حملتهم على العراق، مما دفع الخليفة الأول أبو بكر الصديق للتفكير بجدية في فتح الشام، وقد استشار أبو بكر الصديق كبار الصحابة في هذا الأمر، وخطب فيهم، فأيده معظمهم، ولكن أشار عليه عبد الرحمن بن عوف بألا يقتحم أرضهم، وأن يبدأ بالإغارة على أطراف أراضيهم، ثم يبعث إلى قبائل اليمن وربيعة ومضر ليستنفرهم للجهاد، وقد استحسن أبو بكر الصديق رضى الله عنه، رأي ابن عوف، وقد أمر بدعوة الناس لغزو الروم، وقد وصل كتاب أبي بكر الصديق إلى عمرو بن العاص، يطلب منه المجيء لاستعماله في فتوح الشام، فكان كتاب أبي بكر الصديق. 

 

“إني كنت قد رددتك على العمل الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاكه مرة، وسماه لك أخرى، مبعثك إلى عمان إنجازا لمواعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد وليته ثم وليته، وقد أحببت أبا عبد الله أن أفرغك لما هو خير لك في حياتك ومعادك منه إلا أن يكون الذي أنت فيه أحب إليك” فكتب إليه عمرو “إني سهم من سهام الإسلام، وأنت بعد الله الرامي بها والجامع لها، فانظر أشدها وأخشاها وأفضلها فارم به شيئا إن جاءك من ناحية من النواحي” وقد أنفذ أبو بكر الصديق الجيوش نحو الشمال عقب تجمعهم بالمدينة بعد أن عقد لأربعة من الأمراء، هم أبو عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة، ووجه عمرو بن العاص إلى فلسطين ويتراوح عديده بين ستة وسبعة آلاف مقاتل. 

 

على أن يسلك طريق البحر الأحمر حتى العقبة فوادي القرى فالبحر الميت وصولا إلى بيت المقدس، وخرج من المدينة في الثالث من شهر محرم فى السنة الثالثة عشر من الهجره، وقد أمرهم أن يعاون بعضهم بعضا وأن يكونوا جميعا تحت إمرة أبي عبيدة بن الجراح، وأمر عمرو بن العاص أن يمد الجيوش الأخرى إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وقد دعا أبو بكر الصديق، عمرو بن العاص فسلم إليه الراية، وأوصاه بوصية طويلة ذكرها الواقدي، فأوصاه بتقوى الله وأمره بإقامة الصلاة وغير ذلك من الأمور، حيث قال ” اتق الله في سرك وعلانيتك واستحيه في خلواتك، فإنه يراك في عملك، وقد رأيت تقدمتي لك على من هو أقدم منك سابقة، وأقدم حرمة، فكن من عمال الآخرة، وأرد بعملك وجه الله، وكن والدا لمن معك، وأرفق بهم في السير. 

 

فإن فيهم أهل ضعف، والله ناصر دينه ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وإذا سرت بجيشك، فلا تسر في الطريق التي سار فيها يزيد وربيعة وشرحبيل، بل اسلك طريق أيليا حتى تنتهي إلى أرض فلسطين، وإبعث عيونك يأتونك بأخبار أبي عبيدة، فإن كان ظافرا بعدوه، فكن أنت لقتال من في فلسطين، وأن كان يريد عسكرا، فأنفذ إليه جيشا في أثر جيش، وقدم سهل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام وسعيد بن خالد، وإياك أن تكون وانيا عما ندبتك إليه، وإياك والوهن أن تقول جعلني ابن أبي قحافة في نحر العدو ولا قوة لي به، وقد رأيت يا عمرو ونحن في مواطن كثيرة ونحن نلاقي ما نلاقي من جموع المشركين ونحن في قلة من عدونا، ثم رأيت يوم حنين ما نصر الله عليهم، وإعلم يا عمرو أن معك المهاجرين والأنصار من أهل بدر.

قد يعجبك ايضا
تعليقات