القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

داهية العرب ” الجزء اثنين وعشرون “

81

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء اثنين وعشرون عشر مع داهية العرب، وقد توقفنا عندما سار عمرو بن العاص إلى مصر مخترقا صحراء سيناء ومتخذا الطريق الساحلي، ومع ذلك بقي الخليفة عمر بن الخطاب مترددا، حتى يبدو أنه عدل عن موافقته فأرسل كتابا إلى عمرو بن العاص وهو برفح فلم يستلمه ويقرأه إلا بعد أن دخل حدود مصر، ويعتقد البعض أن تلك كانت حيلة بارعة جعلته يزحف نحو مصر دون أن يخالف أمر الخليفة، وقيل أن عمرو بن العاص سار إلى مصر من تلقاء نفسه، ثم استأذن الخليفة عمر بن الخطاب، وقيل لم يستأذنه، فغضب عليه وأرسل إليه الكتاب المذكور، فلم يقرأه إلا بعد دخوله مصر، كما قيل أن الكتاب وافاه وهو بالعريش داخل حدود مصر، وقد وصل الجيش الإسلامى بقيادة عمرو بن العاص إلى العريش.

في عيد الأضحى فى العام الثامن عشر من الهجرة، فوجدها خالية من القوات البيزنطية، فدخلها، ثم انحرف جنوبا تاركا طريق الساحل، حتى وصل إلى الفرما، وقد ضرب عمرو بن العاص الحصار على الفرما، وتحصنت حاميتها البيزنطية وراء الأسوار، وجرت مناوشات بين الطرفين استمرت مدة شهر، بينما يذكر ياقوت الحموي أن القتال بالفرما استمر مدة شهرين من الزمن، ثم اقتحمها المسلمون في التاسع عشر من شهر محرم فى العام التاسع عشر من الهجرة، ثم سار إلى بلبيس، وفتح خلال سيره سنهور وتنيس، وقد ضرب عمرو الحصار على المدينة وقاتل حاميتها الرومية شهرا، وكان الروم قد تحصنوا فيها بقيادة الأرطبون، وكان بها أرمانوسة، ابنة المقوقس، وقد جهزها بأموالها وجواريها وغلمانها وهي في طريقها نحو قيسارية.

لتتزوج من قسطنطين الثالث، ودخل المسلمون مدينة بلبيس، وأرسل عمرو بن العاص أرمانوسة في جميع مالها إلى أبيها المقوقس، في صحبة قيس بن سعد بن عبادة، وسار عمرو بن العاص من بلبيس متاخما للصحراء، فمر بمدينة عين شمس ثم هبط إلى قرية على النيل اسمها أم دنين، وتقع إلى الشمال من حصن بابليون، وعسكر قريبا منها، ولما علم المقوقس بذلك قَدم من الإسكندرية إلى حصن بابليون ليشرف على القتال بنفسه، وجرت مع حامية المدينة بعض المناوشات على مدى عدة أسابيع لم تسفر عن نتيجة حاسمة، فأرسل عمرو بن العاص إلى الخليفة عمر بن الخطاب، يستحثه في إرسال مدد، فأرسل له مددا بقيادة الزبير بن العوام، ويذكر المؤرخون المسلمون أن المدد كان اثني عشر ألف مقاتل، ويذكر بعضهم أيضا أنه كان عشرة آلاف فقط.

واغتبط المسلمون بقدوم كبار الصحابة أمثال الزبير بن العوام وعبادة بن الصامت، والمقداد بن الأسود، ومسلمة بن مخلد الأنصاري، وسقطت بعدها حامية أم دنين، وتمكن بعض الروم وقادتهم من الفرار إلى حصن بابليون، وبعد وصول الإمدادات بدأ عمرو بن العاص في إرسال الفرق العسكرية للسيطرة على الأقاليم المختلفة، فأرسل فرقة من الجنود للسيطرة على مدينة الفيوم، وسيطروا على إقليم الفيوم، وتوغلت في جنوبي الدلتا فاستولت على أثريب ومنوف في إقليم المنوفية، وقد عسكر عمرو بن العاص في عين شمس، وراح يستعد لمهاجمة حصن بابليون، وحاول استفزاز الجنود البيزنطيين وحملهم على الخروج من الحصن، وبالفعل في شهر شعبان فى العام التاسع عشر من الهجرة، قد خرج القائد ثيودور على رأس عشرين ألفا.

وسار بهم باتجاه عين شمس، فشكل عمرو بن العاص فرقتين يبلغ عدد أفراد كل منها خمسمائة مقاتل، وأرسل إحداهما إلى أم دنين، والأخرى إلى مغار بني وائل، وخرج من عين شمس، فلما وصل البيزنطيون، ظنوا أن المسلمين فروا من عين شمس، ولكن في الطريق بين المعسكرين، خرج أفراد الكمين الذي أعده عمرو بن العاص، فاجتاحت فرقة من المسلمين مؤخرة الجيش البيزنطي التي فوجئت وأخذت على حين غرة، فحاولوا الفرار نحو أم دنين، فأطبقت عليهم الفرقة الأخرى، وأضحوا بين ثلاثة جيوش، ونجحت فئة قليلة منهم ببلوغ الحصن وهلكت فئة كبيرة، ثم ركز جهوده العسكرية على فتح الحصن، فسار إليه في شهر شوال فى السنة التاسعة عشر من الهجرة، وحاصره، ولم يكن قد أحكم سيطرته على الطرق المائية بعد.

قد يعجبك ايضا
تعليقات