القاهرية
العالم بين يديك

قلب يئن

116

بقلم _سالي جابر

أحبها بشدة دون البوح بمشاعره؛ خوفًا من تقلباتها الهوجاء، فهي دائمًا تحمل في يدها كتابًا وتضع قلمًا في جيب معطفها، يود أن يسرق لحظة من اليوم ليعترف لها بما يكنه لها؛ لكنها عمياء لا ترى إلا أسلوبه الهمجي في عرضه لأفكاره- هكذا كانت تراه- تغيَّب عن عمله عَلَّها تفتقده، وجاءت خيبة أمله في صورة تمارضه عَلَّه يجد ذريعة لتلك الأفكار المغلوطة، تطفل عليها بفنجانين قهوة، وكتاب يحمل لها معاني شوقه إليها، فتح معها حوارًا عامًا؛ لكنها مقتضبة الأجوبة، فاقتنع أن الأجوبة عمياء وحدها فقط الأسئلة ترى، فانسحب ورجع بخُفي حُنين، جلس على مكتبه ووضع رأسه بين كفيه والحسرة تملأ قلبه، فابتسمت وأهدته كلمة بخط يدها في كتابه الذي لا يستهويها قراءته” أنا هكذا؛ لكني أرى وأفهم ما تعنيه كلماتك، عَبراتك، إنما هي طبيعة لا أكثر” فأخفض كفيه وابتسم ببهجة السخرية؛ وأومأ برأسه بالموافقة بلمحة حزنٍ خفيفة، فانسحبت رغم أنها ودت الحديث معه، وقالت لنفسها لِمَّ لَم أحتفظ بكتابه؟! لِمَّ لَم أبتسم في وجهه مرة واحدة؟! أين أبيات الشعر التي طالما حفظتها عن ظهر قلب؟! كيف لي أحول ابتسامته الرنانة إلى شعور بالمهانة؟! وتذكرت أبيات شعر الحلاج حين قال:
ذَلُّوا بغير اقتدارٍ عندما وَلهوا
إنَّ الأعِزَّ إذا اشتاقوا أذِلاَّءُ
وهكذا فعل بها الحب، وهكذا جعلها تفكر فيما هي عليه.

قد يعجبك ايضا
تعليقات