القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

صلابة المرأة القوية

118

بقلم _ خالد الدسوقي

في إحدى أيام الشتاء الباردة أثناء ذهابي سيرا إلى محطة السيارات برفقة شقيقتى الصغرى لكى نجد سائقا يقلنا بسيارته إلى وجهتنا صباحا إذا بنا أثناء انتظارنا ياتى سائقا لينادى للركاب مشيرا وملوحا إلينا لكى نأتى و ندخل بداخل سيارة الأجرة الخاصة به فأخذنا انا و شقيقتى بمبادرة الدخول إلى السيارة فور مناداته إيانا منتظران بداخلها حتى تمتلىء السيارة لترحل بنا إلى وجهتنا فإذا بي أثناء إنتظارى بداخل السيارة أرى سيدة كبيرة العمر يبدو على وجهها آثار العجز والإرهاق الشديدين تحمل بين كلتا يديها حقيبتين قد بدا علي هاتان الحقيبتين الثقل الشديد فأخذت بيدها اعاونها على الدخول إلى السيارة مجلسا إياها بجانبي انا و شقيقتى فأخذت تلك السيدة تتحدث إلينا كثيرا طيلة الطريق رغم شده التعب و الإرهاق الذى بدا عليها جراء حملها لكلتا الحقيبتين في هذا العمر إلا أنها كانت تبادر بالحديث مع شقيقتى تارة و معى تارة أخرى أثناء سيرنا بالسيارة فإذا بالسيارة تتوقف لتأخذ السيدة حقيبتيها للنزول لوجهتها مودعه إيانا مستكمله طريقها إلى هذه الوجهه بينما نحن أخذنا المضي مستأتفين سيرنا بالسيارة إلى وجهتنا فإذا بي التفت إلى شقيقتى محدثا إياها عن هذه السيده أنها سيدة جميلة الروح كثيرا ثم أخذت احدث ذاتى عن هذه السيدة التى تستطيع الإعتماد على ذاتها بدون أن يساعدها أحد كيف يمكن لسيدة تبلغ هذا العمر الكبير أن تتحرك بهاتان الحقيبتين دون أن يكون برفقتها أحد وتقوم بالسير إلى محطة السيارات لتركب بمفردها ؟!
ما أجمل وأشجع هذه السيدة التى تستطيع مواجهة الحياة بقسوتها بمفردها رغم المخاطر التى يمكن أن تتعرض لها من جراء تلك المواجهة ؟!
ثم أخذت أحدث ذاتى مرة أخرى محدثا إياها كيف لا يمكن أن تفعل إمرأة مثل هذا فلقد سبقها الكثير من النساء من قبلها والتاريخ يشهد بذلك بأمثالا مشابهه فهناك في عهد الدولة العثمانية كانت هناك سيدة عظيمة العمر تشبه تلك السيدة التى رايتها في سيارة الأجرة برفقه شقيقتى في صلابتها الشديدة واعتمادها على ذاتها في مواجهة الحياة بقسوتها بمفردها كانت تلك السيدة تدعى كوسم ماه بيكر تلك السيدة التى واجهت الحياه بمفردها بعد موت زوجها السلطان أحمد الأول مخلفا ورائه بعد وفاته أطفالا صغار يحتاجون إلى والد يعلمهم ويرشدهم إلى الصحيح بهذه الحياه القاسية فقامت بالإعتماد على نفسها ومواجهة تحديات الحياه بشجاعه جاعلة من أبنائها شجعان كوالدهم الراحل
فرغم إختلاف الماضي متمثلا بشخصيه السلطانه كوسم وإعتمادها على ذاتها وبين الحاضر متمثلا بتلك السيدة التى رايتها في سيارة الأجرة برفقه شقيقتى الصغرى إلا أن كلا الشخصيتين جمع بينهما شيء واحد وهو الثقة بالنفس في مواجهة الحياة القاسية .

قد يعجبك ايضا
تعليقات