القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

الخوف من الارتباط

98

كتبت/ سالي جابر

الحب هو أسمى المشاعر الإنسانية، والتي تتوج بالزواج لبناء أسرة ومِن ثَمَّ بناء مجتمع؛ لكن أحيانًا ترفض فتاة الزواج من حبيبها دون سبب واضح أو تؤجل موعد الزفاف، وأحيانًا يهرب الشاب من محبوبته لمجرد أنها طلبت منه مقابلة والدها، أو يؤجل تلك الزيارة إلى أجلٍا غير مسمى، وهنا انتشرت ظاهرة الخوف من الارتباط Gametophobia وهو ينتشر بين النساء والرجال على حدٍ سواء، هو مرض وليس خوف عادي له أسبابه، وأعراضه، وسبل لعلاجه.

الخوف من الارتباط هو رعب يصيب الشخصين من الارتباط مما يؤدي إلى الانسحاب من أي علاقة أو التزام عاطفي.
وحتى لا نخلط بينه وبين الخوف العادي، فإن للخوف المرضي أعراض منها الغثيان، والقيء، وزيادة ضربات القلب، والتعرق الشديد دون سبب واضح.
وأكثر ما يصفه هو قول عالم النفس( بارتون جولد سميث) : ” قد يكون الشخص على حق في رغبته حول العلاقة؛ لكنه يرتعد من فكرة الارتباط”
أما عن أسبابه:
• الشعور بالخزي والنظرة الدونية للذات، التي قد ترسخ في ذهنه قناعة زائفة مفاداها أنه لا يصلح للمسؤولية، وهذا يسبب له القلق والارتباك من أي علاقة فيقوم بإنهائها قبل أن تبدأ؛ خوفًا من المرور بصدمة أخرى.
• ‏الخوف أحيانًا يعتمد على معلومات خاطئة، تنشأ عن توهم أو تفسير مغلوط، كما في بعض المجموعات على صفحات التواصل الاجتماعي؛ تطلب إحدى الفتيات نصيحة قبل زواجها فتكون الإجابة (لا تتزوجي، ليتنا وجدنا من ينصحنا، الجواز مشروع فاشل … وغيرها من الجمل التي تظهر الزواج في صورة الوحش الكاسر المدمر لحياة جميلة رسمتها الفتاة لنفسها؛ فلو كان الزواج مشروعا فاشلا  فلِم يُقبل عليه الجميع، حتي المنفصلين يخوضون التجربة مرة أخرى؟!
• ‏تعرض الفتاة للتحرش الجنسي قبل الزواج مما يجعلها تكره الجنس الأخر ولا تفكر في الارتباط به.
• ‏جهل المجتمع بما يتعلق بشرف البنت فيجعلها تعيش فترة خطوبتها فترة بائسة وكلما اقترب موعد الزفاف اشتد الخوف داخلها وتطلب تأجيل زفافها.
• ‏إدمان البدايات الجميلة التي لا مثيل لها، وعندما يتغير الطرف الآخر في تعامله طبقا للفترة التي يمران بها، تشعر الفتاة بتغيره عليها وتخافه، وتخشي أن تكون معه- في عصمته- مدى الحياة.
• ‏التوقعات الغير واقعية من الطرفين؛ بأن تطلب الفتاة رجلا  مثاليا، أو به صفات وعكسها، وكذلك الرجل!

وهناك أنواع للخوف من الارتباط:
• الخوف من تضييع الفرص
• ‏الخوف من تحمل المسؤولية
• ‏الخوف من التعلق والترك: الذي ربما سببه جرح عاطفي سابق، أو خبرات سلبية سابقة ربما جرح عاطفي سابق وحكايات ومواقف الأصدقاء مع الحبيب أو الشريك.
• ‏الخوف من الخيانة.
• ‏الخوف من التضحية بالحرية.
• ‏ومن الطبيعي أن التنشئة الاجتماعية تلعب دورًا هامًا في ظهورالرهاب ، وطبقًا لنظرية ” إريكسون” ( يبدأ الطفل في الاستقلالية في سن مبكرة، والفشل في تحدٍ معين قد ينعكس بدوره على ما يليه من مراحل.

وضعت البروفيسورة” بيريت بروجارد” عديد من العلامات التي ترسم معالم الرهاب على الشخص حال ظهورها:

• علاقاته السابقة قصيرة الأمد، عدم الاستعداد لأي التزامات مستقبلية، يقطع عهوده بشكل صريح، انحسار دائرة علاقاته الاجتماعية، تطور النزعة الناقدة للآخرين بصورة مؤذية، الإيمان بمثاليات غير واقعية، الخوف الدائم من التعبير عن المشاعر أو مشاركة الآخرين.

وكما أي مرض له خطوات علاجه، والتي تبدأ بتمرين للتحرر من الخوف:
من التمارين الهامة لمعرفة ما يدور في ذهنك حول شيئٍ ما، أن تكتب أول كلمة تطرأ بذهنك عندما تقول كلمة ارتباط، ورقة وقلم وابدأ التمرين، ثم حدد الكلمات التي تثير في نفسك الذعر وهي ما تعني المخاوف الحقيقية لديك.
حاول أن تذكر كل ما يخص تلك الكلمة سواء كانت حادثة أو حوار مع صديق، أو مشكلة قرآتها، أو مشاكل  أسرية.

ثم الوضوح مع النفس والإجابة عن الأسئلة بصدق:
• هل تجد مع هذا الشريك ما يجعل علاقتكما مُرضية؟
• ‏هل تثق فيه للدرجة التي تجعلك تُبرز نقاط ضعفك أمامه؟
• ‏هل لديكما نفس القيم والمبادئ؟
• ‏هل تتعاملان مع المشاكل بعقلانية وتقوما بحلها بهدوء؟
• ‏هل توافقا على الحدود التي وضعتموها لعلاقتكما؟
• ‏هل تخاف من المجهول؟
• ‏هل تخاف من أن يتركك شريكك أو يتغير عليك؟
فإذا استطعت الإجابة عن هذه الأسئلة بصدق فأنت وضعت أسس متينة لعلاقتك.
وعليك أيضًا التعرف على خصائص العلاقة الصحية:
• أن شريك يشعرك بأنه حاضر وموجود وقتما تحتاجه تجده، وإنه يجيد الإصغاء إليك ويفهمك، ويحترمك دون شروط، لا يحكم عليك أي حكم ديني أو أخلاقي أو قانوني ولا يتعامل معك كمصلح اجتماعي أو قاضي، يضع نفسه دائمًا مكانك، لا تكون علاقة مغلقة على اثنين فقط؛ بمعنى ألا يعزلك عن العالم.

وبعد ذلك إذا لم تستطيع الوصول إلى حل فأنت تحتاج إلى مختص نفسي لتلقي العلاج، وهو العلاج المعرفي السلوكي لتصحيح الأفكار المغلوطة.
والعلاج بالصدمة: بمعنى تعرض المريض لأفلام أو حكايات شبيهه بحالته لمعرفة درجة تأثير المشكلة عليه وكيفية التعامل معها
وأخيرًا العلاج النفسي إذا كان الخوف كامن لديه من مرحلة الطفولة.

.

قد يعجبك ايضا
تعليقات