القاهرية
العالم بين يديك

يجب أن

178
بقلم/سهام سمير
بكت وانتحبت فأخذت قلوبنا ترتجف معها، وأنصت كل منا لما تقول بحرقة.
حكت قصة حبها التي انتهت بكلمة “مفيش نصيب” وذهب كل منهما فى حال سبيله.
وصفت جُرحها بأنه عميق، وتحسسنا جميعا جراحنا الفائتة.
أخبرها أحدنا، أنه كان يعشق لعب كرة القدم، وكان كثيرا ما يقع ويٌصاب ويخيط جراحه ويعود للعب من جديد.
حكايتها أثارت الشجون، وحركت المشاعر، وتعاطف معها الحضور، جاءت لتبحث لدينا عن حل ومٌسكن يضمد جرحها، ويهدىء موجات الألم التي تلتهمها.
تبحث فى غير المكان ولا الزمان اللذين شهدا أحداث قصتها.
طلب منا الذي يدير الجلسة، أن يوجه كل منا كلمة للمتحدثة، كلمة تواسيها وتشجعها على تجاوز ما تمر به، لكن بشرط ألا نستخدم معها جملة”يجب أن تفعلي” ونستبدلها بجملة “أنا أقترح عليكِ” كما حذرنا من أن نوجه لها لوم أو عتاب.
كنت أول المتحدثات، ولم تسعفني كلمات أقولها بعد مواساتها، فأنا تأثرت بدموعها وما روته من ملابسات وأرى من مكاني هذا كيف يتلاعب بها الطرف الآخر، لكننا فى جلسة دعم وإنصات لمعاناتها ولن ننصح أو نسيء للطرف الآخر.
ألفتٌ حكاية تشبه حكايتها، لأخرج من هذا المطب، بأحداث تكاد تكون واحدة، لأشعرها بمدى تعاطفي معها، وأنهيتُ حكايتي بنهاية سعيدة وبداية مشرقة بعد الصبر على الفراق والاستعداد لاستقبال هدايا القدر.
رحت أحدثها عن تعويض الله لنا عما نلاقيه من خذلان وأن الله سبحانه وتعالى يزيح من طريقنا هؤلاء الأنذال اللذين لا يٌرجى منهم خيرا، لأننا لا نراهم إلا بعيون الحب والتي غالبا ما تكون عمياء.
بعدما انفضت الجلسة، عدت بالزمن سنوات، حيث كنت أبكي بنفس الحرقة، وأجزم مثلها أن لا شيء يٌنسى، فإذا بالأيام تداوي والجراح تلتئم، ونتكلم لنواسي غيرنا، لم يتغير أكثر من الكرسي، الكرسي الذي يجلس عليه المجروح، وتمر الأيام فيبدل مكانه ويصبح المتعافي.
بينما تتداعى الأفكار تخطر ببالي أبيات الشافعي:
دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ
وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ
وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي
فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ
فتطيب نفسي وأشعر بالراحة لأن ما تمر به الفتاة التي تعاني آلام الفراق ستشفى ذات يوم وأن كل هذا الوقت سوف يمر.
قد يعجبك ايضا
تعليقات