متابعة/نورهان محمد هلال
شاعر رقيق، كتاباته تأسر القلوب، جمع بين الشعر واللغة والثقافة والكتابة الأدبية ، لقبه أصدقاؤه فى باريس بعمر الخيام المصرى، عرف بشاعر الشباب أحمد رامى ـ رحل فى مثل هذا اليوم عام 1981 .
وتغنى بأغانيه الملايين فى مصر والعالم العربى ومازال يعشق كلماته خاصة التى تغنيها أم كلثوم هواة الطرب الأصيل .
ولد شاعر الشباب ـ كما كان يحب أن يوصف ـ عام 1892 ووالده من أصول شركسية هو الأميرلاى حسن بك عثمان الذى قتل فى معارك فتح السودان عام 1885، وعمل أبوه طبيبا عامين فى جزيرة يونانية اسمها طشيوزـ وهى قرب مدينة قولة مسقط رأس محمد على باشا ـ موفدا من الخديو عباس، وكان فى السابعة من عمره فأثرت الطبيعة الساحرة وجبالها الثلجية على وجدانه .
وأصبح يتيما وهو فى التاسعة من عمره، ما سبب له آلاما عندما عاش مع عمته فى منطقة المقابر بالإمام الشافعى، مما انعكس على شعوره بالوحدة والعزلة والكآبة طوال حياته.
وكان أول كتاب يقرأه شاعرنا هو (مسامرة الجيب فى العزل والنسيب ) ويضم مختارات من الشعر والغزل، فكان الأساس الذى بنى عليه هرمه الشعرى كما كان يقول فى أوراقه ، وبرع فى كتابة القصائد الغزلية فيما بعد .
وحصل على البكالوريا من المدرسة الخديوية الثانوية عام 1911، والتحق بمدرسة المعلمين، كتب أول قصيدة نشرت له فى مجلة كانت تصدر باسم “الروايات الجديدة” يقول مطلعها: أيها الطائر المغرد رحماك .. فإن التغريد قد أبكانى أنت مثلت فى الغناء غريبا .. غاب دهرا عن هذه الأوطان.
وعمل مدرسا فى مدرسة المنيرة الابتدائية فكان لحى السيدة زينب أثر كبير فى تشكيل وجدانه دينيا وتراثيا، ترك المدرسة ليعمل فى مكتبة مدرسة المعلمين ثم انتقل إلى دار الكتب فعمل موظفا بالأرشيف، ثم تم اختياره للسفر فى بعثة على نفقة الدولة إلى السوربون بباريس لدراسة اللغات الشرقية، فأتقن اللغة الفارسية وعاد وقد بدأ عملا وصف بالإعجاز فى مجال اللغة فى ترجمة رباعيات الخيام .
وعندما عاد أمضى 19 عاما فى الدرجة الخامسة الوظيفية، وهو الذى يجيد أربع لغات ورئيسه لا يحمل سوى الابتدائية، ثم عين رئيسا لقسم الفهارس بدار الكتب وتدرج بها حتى أصبح وكيلا لها .
وأثناء دراسته بباريس نشرت له مجلة السفور قصيدته “الصب تفضحه عيونه” التى غنتها أم كلثوم قبل أن تعرفه ..إلا أنه كان يرى أن قصيدة “ذكريات” هى أجمل ما غنت له أم كلثوم .
وأثارت أشعاره الأولى الجدل الكثير بين المدرستين القديمة والحديثة فى الشعر، فشعره لم يكن قديما ولا حديثا بل وصف بأنه شعر العصر الرومانسى، وكتب عنه شاعر النيل حافظ إبراهيم يقول إن شعر رامى هو شعر النفس وهو أرقى مراتب الشعر، ورامى شاعر رقيق حساس الألفاظ بعيد عن مرامى المعانى وتتسم عباراته بالسلامة والعذوبة .
وصدرت لأحمد رامى 6 دواوين شعرية بجانب الأغنيات كان الأول عام 1918 والأخير عام 1965، وترجم إلى العربية 15 مسرحية وكتب 35 قصة سينمائية منها الأفلام الستة التى مثلها عبد الوهاب.
وعمل رامى مستشارا بالإذاعة عام 1954 واختير عضوا بلجنة النصوص واللجنة الدائمة لجمعية المؤلفين والملحنين فى باريس، وعضوا بلجنتى الشعر والفنون الشعبية بالمجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1965 وسلمها له الرئيس عبد الناصر فى عيد العلم، وحصل عليها مرة ثانية عام 1967 فى الآداب ووسام الفنون والعلوم، كما منحه الرئيس السادات الدكتوراه الفخرية فى الفنون.
وكرمته جمعية المؤلفين والملحنين بباريس بلوحة محفور عليها اسمه وحصل على وسام الارز اللبنانى والكفاءة المغربى .