بقلم /شيماء مبروك
شهية أنتِ متألقة، تهزي فؤادي هزا ليكون خاضعا بعد ما كان متمردًا، فيضي بنهر ثغركِ البسام عنبا وقضبا جنيا، أهواه قربكِ أيتها الريانة، ويظل العاشق الولِه يصب أنهار غزله على أرض سمعها الظامئة لترتوي هي وتشتعل أخرى، مد تلو مد حتى يدركه التعب ومعشوقته الليلية فيخلدان للنوم، ويأتي الصباح.
الحرائق تتالى، أنهر تجف، مخلوقات تركض من كل حدب وصوب، تعلو الأصوات والتساؤلات من ذوات عقل وذوات أربع وساكني أرض وسماء، ماذا حدث، أهي جنت، أحدث ما يستحق العقاب، مَن المخطئ؟
يبدو أن الحياة ستنتهي قبل أن نعثر على جوابنا ليصرخ البحر هادرًا:
-لا إجابة إلا لديه، شريكها وحبيبها ناهل عظيم، نورها آتوني به، لكن ليس هذا موعد استيقاظه.
-لا يهم، الأهم الآن استجلاء سبب ثورتها وإيقافه قبل فوات الأوان، هو ذاك، أحسنت.
طرقات تزيح ستار نومه وتأتي به من خلف الجدران ليقفز ويستيقظ فزعًا متسائلًا:
-أهُدت الدنيا أم احترقت أرضها وسمائها؟
-لقد اقتربنا مما تقول.
تدور عينيه بمحجريهما ويعلو الوجه تكشيرة جماء وصمت غضوب يتبعه سير آلي محموم ينتهي باصطدامه بها زوجته ومليكته وصانعة العاصفة الهوجاء، حرب من النظرات ينهيها الجمع المتحلق بجملة واحدة:
-ماذا يحدث؟
يظل الصمت هو الحصاد، وعندما ترتفع أسياف النظرات له يحسم الأمر بسؤالها:
-ما بكِ عصفورتي؟
-عصفورتك، ماذا عن تلك الندية مَن هزت فؤادك، هُزت جدران الحياة تمة ووقعت فوق رأسك، ثغرها من عنبٍ وقضبٍ، قبضت أيامك قبضًا وانتهت أيها الخائن زائغ النظر.
تعلو ضحكته لسماء سابعة وينطق:
-أتغارين عليّ؟
يرتفع حاجبها الأيسر لتقذفها قائلة:
-أنت؟! أمثلك يُغار عليه، بل أغار على مكانتي التي تلطخها بدنيء أفعالك أيها العبوث.
-مكانتكِ؟! عليّ.
يقترب لتتقهقر ويقترب ويظلان هكذا والنظرات تتابع حتى تنتهي تلك اللعبة بانتهاء مساحة التراجع وعناقه لها هامسًا بتلك الكلمات الحانية متبعًا إياها لا سواكِ يملك الفؤاد، هذا نزق طفل أشتاق دفء حبيبته الغجرية، تضحك ضحكة عابثة تحمل من الإغواء ما يذيب قارات ومدن وأفئدة حتى وأن كانت من حجر، تجاذبا وتناوشا دون اعتبار للجمع كأنه نسيا منسيا ويعلو صوت البحر ضاحكًا:
-كلكن طفلات مجنونات غيورات حد الانفجار، لكنكن أصل الحياة وشهدها ولذا ستظل المعركة دائرة بدوام الزمن والحياة حتى لو كان طرفا المعركة الشمس والقمر.