القاهرية
العالم بين يديك

عِش فوق العمر أعمارًا

107

رانيا ضيف

ظل هناك بزاوية من عقلي حلم قديم، أن أتواجد فى مكتبة ضخمة، فأمكث فيها ما شاء لي الزمان، أتنقل مثل الفراشة بين العوالم المتباينة، فأعيش فوق العمر أعمارًا، وأنهل من الحكمة أنهارا .
أشعر بما شعرت به Belle بطلة إحدى قصص ديزني الشهيرة beauty and The beast The
(الجميلة والوحش) حينما وجدت نفسها فى مكتبة عملاقة، وبين يديها آلاف الكتب والحكايات .
تلك الشابة الصغيرة التى عاشت مع والدها العبقري فى بيئة كل ما فيها متواضع؛ فحلقت مع الكتب حتى أصبح واقعها كالأساطير،
فكانت القصة أسطورة داخل أسطورة .
كأن مؤلف تلك القصة أراد أن يؤكد؛ أن الكتب ملاذًا آمنًا، ونافذة لصناعة واقع أجمل .
فالكتاب لا ينقل لك فكرًا لكاتب عاش حياة طالت أم قصرت فقط، ولكن ينقل لك صورة عن واقع تلك الأزمنة، فترى فى روايات “نجيب محفوظ” الحواري، وشكل البيوت، وشكل الأناس، وطريقة حياتهم، وعاداتهم، وكلامهم، وحتى ملابسهم، فأنت ترى الزمن بكل تفاصيله، فتشعر بعد كل رواية، أن جزءا منك كان هناك في تلك الأزمنة وعاشها .
فتُنهي الرواية وقد حُفرت فى وجدانك خبرات، ومشاعر، وأفكار تمت إضافتها لتكوينك وأصبحت جزءا من معارفك .
تقرأ لشكسبير فتعيش فى عالم آخر، وبين أناس آخرين، من زمن لم يولد فيه حتى جدك الأكبر، وترى مجتمعًا جديدًا تماما، كل ما فيه مختلف؛ اللغة، والديانة، والفكر، والعادات
كل ما هنالك مختلف كليًا.

شكسبير كان عبقريا فى فهم طبيعة النفس البشرية، فعرف رسم شخصيات مسرحياته على نحو مبهر.
وكان عالما بولع الناس فى العصر الإليزابيثى بالفن، والشعر، والموسيقى، والغناء .
فكانت لا تخلو أعماله من كل هذه الفنون، بل تربع على عرشها ..
ستعيش معه وكأنك فرد من المجتمع، تؤثر فيه الأحداث السياسية، والمعتقدات الدينية،
ستحب الحياة والتفاؤل فى بعض أعماله،
وتؤمن بالساحرات والعرافات وتصدقها فى مكبث والملك لير،
وتعيش الحب والألم وصراعات العائلات وأنت تقرأ روميو وجولييت..
وستعيش الكوميديا والتراچيديا معه فى آخر أعماله وكأنه كان يرثي نفسه .
وكذلك كل كاتب، وكل قصة، وكل قصيدة
سترى فيها عوالم من الناس، والأحاسيس، والأفكار،
وكلما قرأت كلما تفتح عقلك، ونضج قلبك، لتستوعب المزيد من الحيوات، بكل ما فيها من أحداث، وحكايات .
فوسع مدارك عقلك، وافتح سبيلًا فى قلبك بالكتاب.

قد يعجبك ايضا
تعليقات