القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

كيف نستمطر الرحمات الربانيه؟ ” الجزء السادس “

98

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع كيف نستمطر الرحمات الربانيه ؟ وإن الاستغفار يقوى علاقة المسلم بالله وينجيه من عذابه، فإن العبد الذي يطلب مسامحة الله له يحتاج لأن يكون قريبا منه، ولا يكون ذلك إلا باللجوء للاستغفار والبعد عن الذنوب، فقال الله تعالى مخاطبا نبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام ومبينا فضل المكثرين من الاستغفار” وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون” فمن يستغفر الله كثيرا يستحق أن يسامحه الله على ذنوبه، بل إن ذلك يجعل العبد أكثر قربا من الله وبعدا عن الذنوب والآثام، وإن الاستغفار طريق الأنبياء عليهم السلام للوصول إلى مسامحة الله عز وجل، فقد ارتكب بعض الأنبياء ما يلزم لأجله طلب المسامحة من الله عليها، كما حصل مع آدم وزوجه قبل أن ينزلا إلى الأرض، فقال تعالى على لسانهما ” قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين” وكما أن نبى الله موسى عليه السلام قد طلب من الله أن يسامحه بعد أن قتل رجلا من بني إسرائيل بطريق الخطأ.

 

فقال تعالى على لسان نبيه موسى عليه السلام ” قال رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى إنه هو الغفور الرحيم” فيجب على المسلم إذا طلب من الله تعالى أن يسامحه ثم استغفره من المعاصي والذنوب التي ارتكبها، فإنه ينبغي عليه أن يبتعد عن تلك الذنوب، ويعزم ألا يعود إليها أبدا، وأن يبتعد عن كل ما يجعله يقترب منها، وعن مسبباتها التي تجعله يفكر بذلك، فإن ذلك من أفضل ما يوصله إلى محبة الله ومسامحته له، ويحقق له المطلوب من استغفاره والمرجوَ منه، فقال الله تعالى ” إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون، ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون” وإن البعد عن شهوات الدنيا وملذاتها التي كان المسلم يقع بها بعد التوبة ليس بالأمر الهيِّن، فإذا أراد المسلم من ربه أن يسامحه فيجب عليه أن يوطن نفسه على ذلك، ولأجل هذا ينبغي عليه القيام ببعض الأمور من بينها أن يستعين بالله سبحانه وتعالى، ويصبر على ما يراه ويجده في نفسه. 

 

من تفكير بالمعاصي، ويصبر على ما يقع له من البلاء والاختبار نتيجة البعد عن المعصية التي كان يتنعم بها ظاهرا، وأن يتوجه إلى الله بين الفترة والأخرى بالتوبة الصادقة، ويستعين على ذلك بكثرة الدعاء، وأن يسأل الله سبحانه وتعالى أن يقرّبه مما يحبه، وأن يُبغضه فيما يؤدي به إلى الوقوع بالمعصية، وألا يحوجه للتفكير بها، فإن المسلم يتردد بين المعصية والطاعة، ويتقلب بين الخوف والرجاء، وكثرة التوبة تجعله متعلقا بالله متمسكا به، ومن صدقت توبته فإن الله سيعلق قلبه به، ويحفظه من الزيغ بعد الهداية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك “ما من قلب إلَا بين إصبعينِ مِن أصابع الرحمنِ إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه” وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يسأل الله أن يثبت قلبه على الحق بعيدا عن الزيغ والهوى فيقول ” يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك” ويقول رسول الله عليه الصلاة والسلام أيضا ” والميزان بيد الرحمن يرفع قوما ويخفض آخرين إلى يوم القيامه” وأن يؤدي المسلم ما افترضه الله عليه من الفرائض. 

 

المتمثلة بالصلوات الخمس وغيرها والتقرب إليه بالنوافل، فإن ذلك أدعى للوصول إلى حب الله ومسامحته، وأيضا الاستعانة بالرفقة الصالحة التي تعين العبد على القيام بما يرضي الله من القول والعمل والبعد عن أسباب المعاصي، فقد قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” المرء على دين خليلة فلينظر أحدكم من يخالل” وكذلك الإكثار من تلاوة القرآن الكريم قراءة وفهما وحفظا وترتيلا وتفسيرا، والمواظبة على الأذكار اليومية التي تجعل العبد أقرب من الله، وتزيد اتصاله به، حتى يصل إلى المسامحة التي يرجوها من الله عز وجل، ومن المعروف أن جميع المسلمين يعملون في حياتهم الدنيا من أجل غاية عظيمة وهي رضا الله عز وجل، فعلى المسلم كي يرضي ربه أن يستقيم في حياته، ويؤدي جميع واجباته، والفروض التي أمره الله بها، كما يجب عليه أن يبتعد عن نواهيه والأمور التي تغضبه عز وجل، ومن الجدير بالذكر أن الله تعالى له الأسماء الحسنى التي يدعو بها المسلم، ومن هذه الأسماء اسم الغفور، الذى يغفر لعباده ما داموا يستغفرون. 

 

فالله تعالى يبسط يده بالنهار ليتوب إليه مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب إليه مسيء النهار، فعلى المسلم أن يجدد توبته دائما لله، حتى ينال الأجر العظيم، وحتى يكون مثواه الجنان يوم القيامة، حيث وعد الله المحسنين بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فجدير بنا أن لا نعصيه، وإن من طرق إرضاء الله عز وجل هو الابتعاد عن المعاصي ومواقعها، فمن الأفضل ترك المعصية، وعدم التواجد في المكان الذي تكثر فيه المعاصي، وكذلك الإكثار من الأعمال الصالحة التي ترضي الله، وأدائها على أكمل وجه، مثل أداء الصلاة المفروضة، والنوافل والسنن، ويستحب من ضمن الأعمال الصالحة الصوم، مثل صيام أيام الاثنين والخميس، وصيام الأيام المسنونة، مثل الستّ من شوال، والعشر الأوائل من ذي الحجة، كما يستحب قراءة القرآن الكريم، فقد وعد الله المسلمين بكل حرف عشر حسنات، والله يضاعف لمن يشاء، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنه، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ” ألم” حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف”

قد يعجبك ايضا
تعليقات