القاهرية
العالم بين يديك

أديب ومعلومة الجزء الخامس

149

كتب د _ عيد علي

أرهقني مدعي الكتابة الأدبية من ركاكة أسلوبهم وتجنيهم على فنون الأدب فهم لم يقرضوا الشعر يوما ولم يدرسوا بحوره مع تجردهم من الموهبة فأصبح الشعر والأدب في عصرنا الحاضر يتناوله من لا يفقه ألوانه ولا مدارسه ولا يلتزمون بوزن أو قافية بل ولا التفعيلة الشعرية ومنهم من لا يميز بين القصة القصيرة والرواية وقليل جدا من كتب في المسرحية والرسالة واتجه بعضهم إلى كتابة المقال الأدبي ولم يدرسوا فنونه ولا أنواعه وأطلق كل منهم على نفسه لقب شاعر أو أديب لذلك أردنا من خلال الأجزاء التالية تسليط الضوء على شخصية الكاتب حيث تؤثر شخصية الكاتب في اختلاف استخدام الأساليب من حيث الألفاظ حين يختلف الأدباء في الألفاظ والجمل، والفقر والعبارات.
والمعاني، كالمطابقة بين اللفظ والمعنى، أو ترجيح جانب اللفظ على جانب المعنى، وعكس ذلك.
والصنعة حيث يعمد الأدباء إلى الأسلوب الطبعي أو المصنوع صنعة بديعية، قوامها السجع، والجناس، والمطابقة، ونحو ذلك.
ومما يجب على الأدباء مراعاته جيدا هو إنقاذ النص الأدبي من هيمنة النقد الشكلاني والرجوع إلى البعد الإنساني في العملية الإبداعية بدل الإغراق في الشكل. فالخطر الذي يتهدد الأدب اليوم هو التعليم الشكلاني الذي يلقن التلاميذ النظريات التي تتحدث بدلا عن النص، وتستمع إلى الناقد بدل الإنصات إلى المؤلف. وقد أكد “تزيفان طودوروف” أن مجموع هذه التعليمات-يقصد التعليمات الرسمية- تسعى إلى تحقيق هدف وحيد، و هو تعريف المتعلم بالأدوات التي يتم استخدامها في قراءة القصائد والروايات دون تحفيزه على التفكير في الوضع الإنساني، في الفرد والمجتمع، في الحب والكراهية، في الفرح واليأس، بل التفكير في مفاهيم نقدية، تقليدية أو حديثة. في المدرسة، لا نعلم عن ماذا تتحدث الأعمال وإنما عن ماذا يتحدث النقاد.
َالحق أقول لكم لقد وقع الأدب الحديث في شباك “الثالوث” المعاصر ” الشكل، العدمية والأحادية” و أصبح النقد غاية بعد ما كان وسيلة تساعد المتلقي على فهم النصوص والظواهر الاجتماعية، فانحرف عن وظيفته وسقط في الشكلانية. والأخطر من ذلك في نظر تودوروف هو ” استيراد” المؤسسات التعليمية من ثانوية وجامعة لتلك النظريات النقدية الجديدة والتي عوض أن تؤدي رسالتها الحقيقية بدأت تسيء إلى النص الأدبي نفسه فلم يعد يتحدث، عن الإنسان في العالم بقدر ما يتحدث عن نفسه وعن ” الفرد” الذي كتبه. أما النقد الحديث فقد أصبح غارقا في. ” الشكلانية” مفتقدا للبعد الإنساني والبساطة، وهذان عنصران يحتاج النقد إليهما كل الاحتياج ليتمكن من التواصل مع قارئه ومع الكاتب صاحب النص

وإلى اللقاء مع الجزء السادس من أديب ومعلومة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات