القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

فريسة الخوف السائغة

111

بقلم خالد الدسوقي

الآباء دائما يرغبون في جعل أبنائهم أشخاص أقوياء بالمستقبل مكملون دربهم بالحياء جاعلون منهم يسيرون على دربهم مثلما فعلوا تماما من قبل فهناك من يكون طبيبا فيرغب بجعل ولده طبيبا مثله فيظل ورائه حتى يجعله يلتحق بكلية الطب حتى لو إضطره الأمر ليدخله بكليه خاصه وهناك من يكون ضابطا فيعمل قصارى جهده ليلتحق ولده بكلية الشرطة فالوظائف ليست هى الشيء الوحيد ايضا الذي يفرضه الاباء على أبنائهم فهناك ما يفرضه الأباء على أبنائهم من اتباع عادتهم وتصرفاتهم كالأب الذى يحب هواية صيد الأسماك فيرغم ولده على ممارسة تلك الهواية غير مكترث لما يميل إليه ولده راغبا فقط في تحقيق أمله فيجعل ولده يسير في طريقه كالشخص الذى يغطس في مياه المحيط ليتعلم العوم مثل أباه غير مدرك لخطوره عالم البحار والمحيطات و غيرمكترث لما قد يحدث إليه من جراء دخوله عالم البحار فيعرضه هذا للغرق فطموح الآباء قد يدمر أمانى الأبناء وطموحهم ويقضي على شخصيتهم تماما فيصبحون كالدمى اليدوية التى تحركها الحبال فيحركها الشخص يمينا ويسارا كما أراد لتفعل ماتريده
تلك هي عباراتى التى نطقتها شفتياى عندما شاهدت أحد زملائي بالدراسة قد أجبر على دراسة علم الهندسة ذلك العلم الذى دخل عالمه كدخول الفريسة الى ملتهمها فسببت دراسته لعلم الهندسة ألما شديدا تزايد عليه كثيرا حتى تحولت الآلام المعنوية إلى آلام جسدية أثرت على صحته فلم يستريح حتى خرج من هذا العالم الممثل بكلية الهندسة ليذهب إلى كليه أخرى أحس بها بارتياح شديد
فما أغرب هذه الحياه التى تجعل الآباء يرغمون أبنائهم على دخول مالا يحبونه غير مدركين بما يشعر به أبنائهم بما يشعرون به من آلام نفسية قد تنعكس عليهم بآلام جسدية فما أشبه اليوم بالبارحه فالتاريخ يشهد بأمثالا مشابهة فهناك كثير من الآباء قد حاولوا إرغام أبنائهم على دخول عالمهم الخاص غير مدركين مايميل إليه أبنائهم وماقد يعود بأضرار عليهم من جراء ذلك فهناك في الدولة العثمانية كان هناك قانون يدعى قانون قتل الأخوه والأبناء جعل أمراء بنو عثمان يعيشون في خوف طوال حياتهم فالأبناء كانوا يسيرون على خطى الأجداد فعندما يصل الإبن الأكبر إلى الحكم بعد وفاه أبيه يقتل إخوته جميعا فهذا القانون الذى فرض على الأبناء من قبلهم الأباء ومن قبلهم الأجداد جعل الأبناء يتألمون ويصبح منهم مرضى فظهر سلاطين مرضي من جراء هذا القانون كان إحد هؤلاء السلاطين الذى تضرر من هذا القانون هو السلطان العثماني إبراهيم الأول الذى نفذ شقيقه السلطان مراد الرابع حكم الاعدام في إخوته جميعا فعندما توفي السلطان مراد الرابع جائت إليه والدته السلطانة كوسم لتعطيه الحكم فأخبرها برفضه للحكم خائفا من شقيقه السلطان مراد الرابع غير مدركا لموته فكان خوفه نابع بما شعر به من خوف طوال حياته من جراء عالم قانون قتل الإخوة والأبناء الذى نفذه أخيه ومن قبله أجداده فلم يصدق والدته إلا عندما رأى جثة شقيقه السلطان مراد الرابع أمامه فقبل بالحكم
فما أغرب هذه الحياه التى تجعل الآباء يدمرون أبنائهم نفسيا بما يريدونه أن يفعلوه تحقيقا لأمالهم و أمورهم الخاصة
فرغم إختلاف الزمان والمكان والتاريخ والعصر والماضي متمثلا بخوف السلطان إبراهيم الأول من عالم قانون قتل الإخوة الذى فرضه الأجداد على الأبناء الذى ايقظ في قلبهم الخوف طوال حياتهم والحاضر متمثلا بآلام أحد زملائي لدخوله كلية الهندسة التى لايريدها إلا أن الحالتين جمع بينهما شيء واحد هو الآلام التى يسببها الآباء للأبناء من جراء إصرارهم على تحقيق ما يريدون .

قد يعجبك ايضا
تعليقات