القاهرية
العالم بين يديك

صفقةُ الأشقاءِ الرابحةِ

128
بقلم/ خالد الدسوقي.
في إحدى الليالي القاتمةِ، أثناءَ سيرى في الطريقِ مساءً رِفقةَ أحدِ أصدقائي، ينسابُ ظلُّ الليلِ الدامسِ مُغَلِّفًا الجوَّ بالضبابِ الكثيفِ، تكادُ العينُ لا ترى من عُتمةِ الضبابِ الكثيفِ، منحرفينِ أثناءَ سيرِنا بطريقٍ بهِ بعضُ الضوءِ القليلِ، مستأنفينِ أطرافَ الحديثِ، حين بادرَ صديقي بالحديثِ قائلًا أنه شاهدَ عُرسًا قد حضرهُ قبلَ أيامٍ قليلةٍ عن زواجِ شقيقتينِ من شقيقينِ، مستأنفًا حديثَهُ لي أيضًا، أنهُ يجمعُ بينهم صلةُ قرابةِ وثيقةٍ، وكذلك يجمعُ الأسرتينِ مصالحٌ شخصيةٌ قويةٌ للغايةِ، فوالدةُ الشقيقينِ شقيقةُ والدةِ الشقيقتينِ.
فتحدّثتُ إلى نفسي قائلًا: كيف يمكنُ أن يتزوجَ شقيقانِ من شقيقتينِ، يحملُ كلٌّ من الأربعةِ صلةً شديدةً، الصلةُ بالدمِ بهذا الشكلِ، كيف يمكنُ هذا؟! هل يمكنُ أن يتمَّ الزواجُ بهذا الشكلِ أيضًا لمصالحَ شخصيةٍ قويةٍ؟!
فأجبتُ نفسي قائلًا: كيف لا والتاريخُ يشهدُ بذلك بأمثالٍ مشابهةٍ؟
فلا تخلو هذه العلاقةُ من وجهِ شبهٍ، فهناك في الدولةِ الخوارزميةِ التى كانتْ تحكمُ بلادَ ما وراءِ النهرِ قديمًا علاقةٌ تشبهُ هذه العلاقةَ إلى حدٍّ كبيرٍ.
فقد قامَ السلطانُ علاءُ الدينِ الخوارزميِّ هو وشقيقهُ بتزويجِ أولادِهِما من بعضهِما البعضِ، للحِفاظِ على الدولةِ الخوارزميةِ، ولكي يساعدا بعضهما البعضَ في المحاربةِ ضدَّ العدوِّ المغوليِّ المشتركِ، فقد تزوجَ الأميرُ جلالُ الدينِ من ابنةِ عمهِ الأميرةِ عائشةَ خاتون، كما تزوجَ الأميرُ ممدود من ابنةِ عمهِ الأميرةِ جيهان خاتون، لينجبَ الأميرُ جلال الدين من ابنة عمه عائشة فتاةً أسماها جهاد، بينما أنجبتْ شقيقتُه جيهان من ابنِ عمّها ممدود فتىً أسماهُ محمودَ، فتمضي الأيامُ ويشتدُّ عودُ محمود وجهاد، ليحقِّقا معًا هدفَ هذا الزواجِ، بتحقيقِ النصرِ على العدوِّ المغوليِّ البغيضِ.
فرغمَ تباعدِ الزمانِ والمكانِ والتاريخِ، لكن تلاقي العلاقتينِ عندَ نقطةٍ واحدةٍ وهي الزواج لتوطيدِ العلاقةِ بين الأسرتينِ ذات المصالحِ الشخصيةِ، بين زواجِ الأميرِ ممدود وشقيقته جيهان من الأمير جلال الدين و شقيقته عائشة، وبين زواج الشقيقين من الشقيقتين الذي شاهدتهُ أثناء سيرى في الطريق مساءً برفقةِ أحدِ أصدقائي.

 

قد يعجبك ايضا
تعليقات