الضبع حسن
تدور في الخفاء رحايا معركة بين صقور مصر وقادتها من ناحية ، وبين أولئك الذين خططوا ومولوا مخطط تعطيش مصر من الجنوب ، ملفات كثيرة متشابكة عالجتها مصر طوال السنوات العشر الماضية استعدادا للحظة الحسم التي يراها البعض تأخرت .
لم يكن العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة الفلسطيني سوى أحد فصولها و كان الهدف منه الضغط على سكان القطاع عسكريا حتى لا يبقى أمامهم سوى اقتحام حدود مصر و الهرب لسيناء !! و حينها تصبح مصر أمام خياريين أحلاهما مر ، فإما مواجهة أهلنا الفلسطينيين و منعهم بالقوة مع ما يترتب عليها من نتائج مأساوية ، أو تركهم في سيناء و تفريغ القطاع من أهله لصالح الصهاينة .
و لعل ذلك يفسر سياسة مصر الخشنة و تهديدها الصريح لإسرائيل بالعود للمربع صفر في العلاقات البينية و ما أدراك ما معنى ذلك المصطلح ؟ ليس ذلك و حسب بل إن مصر أعلنتها صريحة أنها ستقف بكل قوة لأي اجتياح اسرائيلي بري لقطاع غزة ، وحينها تراجع جيش الاحتلال و لأول مرة عن قرار اتخذه بالفعل ، و نجحت مصر في فرض رؤيتها و إرادتها بوقف غير مشروط لإطلاق النار و لأول مرة ترضخ إسرائيل بهذا الشكل بعد أن تعرت دفاعاتها و قبتها الحديدية “الفاشلة ” أمام صواريخ المقاومة الفلسطينية !!
وتلا ذلك تبرع مصر بمبلغ 500 مليون دولار لإعادة إعمار القطاع و بأيدي مصرية تحت إشراف الهيئة الهندسية لقوات مصر المسلحة وضعوا تحت هذه الجملة من الخطوط ما شئتم و اعترف العالم بقوة وصلابة مصر الحقيقية بعيدا عن الهاشتاج و الشعارات الكاذبة ، لتفضح مصر كل المتاجريين بدماء أبناء القدس و تعري مواقفهم الخادعة .
وفي خضم تلك المعركة كان رئيس مصر حاضرا في قلب أوربا و عاصمة فرنسا مشاركا بكل قوة في ملف السودان و مؤتمر إسقاط ديونه ، بل و قام بضمان القروض السودانية بحصة مصر في صندوق النقد الدولي ، ليفرض على كل القوى الدولية وجود مصر القوية باعتبارها اللاعب الرئيس في الشرق الأوسط بعد استعادة دورها التاريخي في عموم الإقليم .
قد يسأل البعض و ما علاقة ذلك بسد النهضة ؟
الإجابة بكل بساطة أن من يملك القرار هناك في الحبشة ليس أثيوبيا بأي حال من الأحوال !! فحقيقة الأمر أنهم حاولوا حصارنا من كل الاتجاهات ، لكننا حاصرناهم في عقر دارهم ، فالقاعدة تقول بكل بساطة ووضوح إذا أردت حل مشكلة صعبة فعليك بالرأس المدبر ، ودعك من الذيل فهو لا يملك حلا و لا قرارا .
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية