القاهرية
العالم بين يديك

الكنيسة المعلقة

184

رحاب الجوهري
تقع الكنيسة المعلقة في حي مصر القديمة، في منطقة القاهرة القبطية الأثرية الهامة، فهي على مقربة من جامع عمرو بن العاص، ومعبد بن عزرا اليهودي، وكنيسة القديس مينا بجوار حصن بابليون، وكنيسة الشهيد مرقوريوس (أبو سيفين)، وكنائس عديدة أخرى. وسميت بالمعلقة لأنها بنيت على برجين من الأبراج القديمة للحصن الروماني (حصن بابليون)، ذلك الذي كان قد بناه الإمبراطور تراجان في القرن الثاني الميلادي، وتعتبر المعلقة هي أقدم الكنائس التي لا تزال باقية في مصر.

 

 

الكنيسة بنيت على أنقاض مكان يقال انه احتمت فيه العائلة المقدسة (السيدة مريم العذراء، المسيح الطفل، والقديس يوسف النجار) أثناء الثلاث سنوات التي قضوها في مصر هروبا من هيرودس حاكم فلسطين الذي كان قد أمر بقتل الأطفال تخوفا من نبوءة وردته، والبعض يرى أنها مكان لقلاية (مكان للخلوة) كانت تعيش فيها أحدى الراهبات ، في واحد من السراديب الصخرية المحفورة في المكان.

 

جددت الكنيسة عدة مرات خلال العصر الإسلامي مرة في خلافة هارون الرشيد حينما طلب البطريرك الأنبا مرقس من الوالي الإذن بتجديد الكنيسة، ومرة في عهد العزيز بالله الفاطمي الذي سمح للبطريرك افرام السرياني بتجديد كافة كنائس مصر، وإصلاح ما تهدم ، ومرة ثالثة في عهد الظاهر لإعزاز دين الله ، كانت مقرا للعديد من البطاركة منذ القرن الحادي عشر، وكان البطريرك خريستودولوس هو أول من اتخذ الكنيسة المعلقة مقرا لبابا الإسكندرية، وقد دفن بها عدد من البطاركة في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، ولا تزال توجد لهم صور وأيقونات بالكنيسة تضاء لها الشموع، وكانت تقام بها محاكمات الكهنة، والأساقفة، ومحاكمات المهرطقين فيها أيضا
تعتبر مزارا هاما نظرا لقدمها التاريخي، وارتباط المكان بالعائلة المقدسة، ووجودها بين كنائس وأديرة لـقديسين أجلاء، فتسهل زيارتهم

 

 

تقع واجهة الكنيسة بالناحية الغربية على شارع ماري جرجس، وهي من طابقين. وتوجد أمامها نافورة، وقد بنيت بالطابع البازيليكي الشهير المكون من 3 أجنحة وردهة أمامية وهيكل يتوزع على 3 أجزاء، وهي مستطيلة الشكل، وصغيرة نسبيا فأبعادها حوالي 23.5 متر طولا و18.5 مترا عرضا و9.5 مترا ارتفاعا. وهي تتكون من صحن رئيسي وجناحين صغيرين، وبينهما ثمانية أعمدة على كل جانب، وما بين الصحن والجناح الشمالي صف من ثلاثة أعمدة عليها عقود كبيرة ذات شكل مدبب، والأعمدة التي تفصل بين الأجنحة هي من الرخام فيما عدا واحدا من البازلت الأسود، والملاحظ أن بها عدد من تيجان الأعمدة “كورنثية” الطراز. وفي الجهة الشرقية من الكنيسة توجد ثلاثة هياكل هي: الأوسط يحمل اسم القديسة العذراء مريم، والأيمن باسم القديس يوحنا المعمدان، والأيسر باسم القديس ماري جرجس.

أمام هذه الهياكل، توجد الأحجبة خشبية، وأهمهم الحجاب الأوسط المصنوع من الأبنوس المطعم بالعاج الشفاف، ويرجع إلى القرن الثاني عشر أو الثالث عشر، ونقش عليه بأشكال هندسية وصلبان جميلة، وتعلوه أيقونات تصور السيد المسيح على عرش، وعن يمينه مريم العذراء والملاك جبرائيل والقديس بطرس، وعلى يساره يوحنا المعمدان والملاك ميخائيل والقديس بولس، وبأعلى المذبح بداخل هذا الهيكل توجد مظلة خشبية مرتكزة على أربعة أعمدة، ومن خلفه منصة جلوس رجال الكهنوت ، في الجناح الأيمن من الكنيسة، تم تعليق أجزاء من صحف قومية مصرية، على أحد الحوائط راصدة أحداث ومشاهد من التاريخ الحديث للكنيسة

بعد سيامة البابا خرستوذولس انتقل من الكنيسة المرقسية بالأسكندرية إلى مصر، واتخذ كنيسة المعلقة بظاهر الفسطاط مقرًا له. كما جدد كنيسة القديس مرقريوس وجعلها كاتدرائية كبرى ومركزًا لكرسيه، وجعل أيضًا كنيسة السيدة العذراء في حي الأروام مقرًا له يأوي إليه عند اللزوم وذلك برضى أسقف بابيلون. أما سبب ذلك فهو انتقال عظمة مدينة الإسكندرية إلى مدينة القاهرة، وكثرة عدد المسيحيين فيها، فصار البابا يعين أسقفًا للإسكندرية باسم وكيل الكرازة المرقسية

قد يعجبك ايضا
تعليقات