القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

كفّ الأذى عن الناس الجزء السابع

101
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء السابع مع كفّ الأذى عن الناس، فعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “أتدرون ما المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال إن المفلس من أمّتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وقيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا أو ضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه فطرح في النار” رواه مسلم، وإن من يتولى للمسلمين عملا من أعمالهم أو وظيفة من الوظائف التي جُعلت لخدمتهم فهو أمين فيما ولي عليه، وواجب عليه بذل الجهد في تحقيق مصالحهم ورفع الضرر والأذى عنهم، وحينئذ فمن آذى مسلما من خلال عملِه أو ألحق به الضرر من منطلق وظيفته فهو على إثم مبين وفي خطر كبير، ويقول صلى الله عليه وسلم “اللهم من ولى من أمر أمتى شيئا فشق عليهم فاشقق عليه” رواه مسلم” فاتقوا الله أيها المؤمنون، والتزموا بتلك التعاليم وهذه التوجهات.
تفوزوا وتسعدوا في الدنيا والآخرة، وإن الله عز وجل كما تعبدنا بفعل الطاعات، وتعبدنا أيضا بترك إيذاء الناس والاعتداء عليهم، فبعض الناس يحرص على صلاته وصيامه وزكاته، ولكنه لا يبالى بإيذاء أهل بيته وإخوانه، وجيرانه وسائر الناس، ومثل هذا يخشى عليه من عذاب الله، وإن إيذاء الناس يؤدى إلى وقوع العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع، وعدم الشعور بالأمان، فالأذى مذموم شرعا وعقلا وعرفا، لذلك فقد حرم الإسلام كل ما يؤدي إلى أذية الناس، قال عليه الصلاة والسلام “لا يتناجى اثنان دون واحد، فإن ذلك يؤذي المؤمن، والله عز وجل يكره أذى المؤمن” فكل صور الأذى محرمة شرعا، سواء كان الأذى معنويا أم حسيا، فيشمل الأذى الاعتداء على الناس في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، ويشمل الأذى باللسان كالاستهزاء واللمز بالألقاب والسخرية بالآخرين، والطعن في أنسابهم، والتنقيص من شأنهم، والتعيير بما فيهم من عيوب، ويشمل كذلك ما هو منتشر في مجالس الناس، وهو الغيبة.
وهي أن تذكر إخوانك في حال غيابهم بما يكرهون، فكل ما يصدر باللسان من أذى تجاه الآخرين داخل في هذا الباب، فعلينا أن ننتبه إلى أهمية كف الأذى عن الناس، فإن ذلك من صلب الدين، ومن أخلاق المسلمين، التي جاءت بها شريعة رب العالمين، وإن من صور الإيذاء الذي يشتكي منه كثير من الناس في هذا الزمان، ما نشاهده في الشوارع والطرقات، من طيش البعض في قيادتهم للسيارات، من حيث السرعة الجنونية، أو تجاوز الإشارة الحمراء، أو عدم المبالاة بالآخرين، وكأن الشوارع أصبحت أملاكا خاصة لهم، مما يؤذون عباد الله، ويعرضون الأنفس للخطر والهلاك، فالطريق حق عام للجميع، وله قوانين وأنظمة، ينبغي التقيد بها، وعدم التجاوز عليها، لكي تتحقق المنفعة للجميع، فكف الأذى عن الناس في الطريق لا يقل أهمية عن باقي الأذى الممنوع شرعا، لذا لما ذكر الله تعالى صفات عباد الرحمن، قال “وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما”
وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام ” من آذى المسلمين فى طرقهم وجبت عليه لعنتهم” واعلموا أن من توفيق العبد وسعادته كف أذيته عن المسلمين، ومن شقاوته عدم مبالاته في إيصال الضرر للعالمين، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان، ومن عزل حجرا أو شوكة أو عظما عن طريق الناس، فقد سعى لنفسه بالأمان، وقال صلى الله عليه وسلم ” بينما رجل يمشي بطريق، إذ وجد غصن شوكة فأزاله، فشكر الله له، فغفر له وأدخله الجنة” فرحم الله عبدا كف أذيته عن الناس، فلم يؤذهم بالتخلي في طرقهم ومساجدهم ومجالسهم، وما أحسن توفيق من رفع الأذى عنهم في جميع أحوالهم وتصرفهم، وازجروا من رأيتموه يتخلى في مغاسل المساجد، فإنه موجب للعنة اللاعنين، وقد باء فاعل ذلك بالإثم وأذية المؤمنين، فقال صلى الله عليه وسلم” اتقوا الملاعن الثلاث، البراز في الموارد، وقارعة الطريق والظل” وإياكم وكشف العورات بمرأى أحد أوقات التخلي والاغتسال.
كما يفعل ذلك من لا يخشى الله من المتهاونين الأرذال، فقد لعن الناظر والمنظور وحق عليهم الوبال، أفلا يستحيي أحدكم أن يكون أسوأ حالة من البهائم، فيبدي عورته والناس ينظرون، وهذا من أعظم الجرائم، فإن الله يمقت أشد المقت على كشف العورات، فمن فعل ذلك فقد باء بغضب من الله وحقت عليه العقوبات، فإن أذية المؤمنين والمؤمنات من كبائر الذنوب التي حذرنا منها علام الغيوب، واعلموا أن كف الأذى عن المسلمين وعن طرقاتهم موجب من موجبات دخول الجنة، وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال، قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلنى الجنة، قال “اعزل الأذى عن طريق المسلمين” وهكذا فإن كف الأذى علامة من علامات الإسلام الصادق، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال لما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم “أى المسلمين خير؟” قال “مَن سلم المسلمون من لسانه ويده” وقال الإمام ابن حجر رحمه الله ” فيقتضي حصر المسلم فيمن سلم المسلمون من لسانه ويده.
قد يعجبك ايضا
تعليقات