القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

كفّ الأذى عن الناس ” الجزء الخامس “

85

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع كفّ الأذى عن الناس، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ” قال رجل يارسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال هي في النار، قال يا رسول الله، فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها وصدقتها وأنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال هي في الجنة ” رواه أحمد، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ” رواه مسلم، وعن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا يا رسول الله، مالنا بد من مجالسنا نتحدث فيها، فقال فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا وما حقه ؟ قال غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ” متفق عليه. 

 

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” لا يتناج اثنان دون واحد فإن ذلك يؤذي المؤمن، والله عز وجل يكره أذى المؤمن ” رواه الترمذى، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ” رواه مسلم، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” من دعا رجلا بالكفر، أو قال عدو الله، وليس كذلك، إلا حار عليه ” رواه مسلم، فيا أيها المؤذى المعتدى العيّاب المغتاب، يامن ديدنه الهمز واللمز والنبز والغمز والتجسس والتحسس والتلصص، كفّ أذاك عن المسلمين واشتغل بعيبك عن عيوب الآخرين، وتذكر يوما تقف فيه بين يدي رب العالمين، ويقول يحيى بن معاذ ” ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة، إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه ” وقال رجل لعمر بن عبد العزيز ” اجعل كبير المسلمين عندك أبا، وصغيرهم ابنا، وأوسطهم أخا، فأي أولئك تحب أن تسيء إليه ؟  

 

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت يارسول الله أي الأعمال أفضل ؟ قال ” الإيمان بالله والجهاد في سبيله، قال قلت أي الرقاب أفضل ؟ قال أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا، قال، قلت فإن لم أفعل، قال تعين صانعا أو تصنع لأخرق، قال قلت يارسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل ؟ قال تكف شرك عن الناس، فإنها صدقة منك على نفسك ” متفق عليه، فإيذاء المسلمين أمر خطير يغيب عن معظم الناس اليوم، ويكاد يكون فقه كف الأذى غائبا عند عدد لا بأس به من الناس، ولكن الحمد لله أن أكثر أهل هذه الأمة يعملون بمبدأ كف الأذى وما يزالون على الفطرة وعلى المحجّة البيضاء التي تركهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلاحظ أيضا في الحديث، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال “الناس” ولم يقل المسلمين، ويدل هذا على أن المسلم في تعامله بالمبادئ الإسلامية، التي رأسها الأخلاق الكريمة، لا يفرق في تعامله بين مسلم وغير مسلم، فضلا عن اعتبارات وفوارق أخر تكون بينه وبين خلق الله، من اختلاف في الانتماء.

 

أو في المال والجاه، وفي حديث آخر يوجه عليه الصلاة والسلام، الخطاب إلى من لم يتقيد ويلتزم بذاك التعريف قائلا من على رأس المنبر بصوت رفيع عالى “يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفضِ الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيّروهم ولا تتبعوا عوراتهم ولا تطلبوا عثراتهم فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته” فلن يبلغ المرء درجة الإسلام، لا أقول الإيمان، حتى يكف أسباب الأذى المعنوية والحسية عن الناس، فضلا عن المسلمين منهم، وإلا كان كالشيطان مصدرا للشرور والبلايا، يستعاذ بالله منه كما يستعاذ من الشيطان، فشر الخلق هو من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره، كما جاء ذلك في الأثر، أما خير الخلق فهو عكس ذلك تماما، أو على الأقل إذا لم يأتك منه خير، فلن يأتيك منه شر إطلاقا، وحتى مع هذه المنزلة الدنيا الضعيفة، فإن الله تعالى لكرمه العظيم يثيب عليها، كما جاء في الحديث الشريف “يمسك عن الشر فإنها صدقة” ما أروع وأبدع قول الشاعر حينما قال. 

 

إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل واللؤم اسم جامع لكل رذيلة وشر، وإن التقصير في هذا الباب عظيم لا يمكن تداركه في الآخرة فينبغي للمؤمن أن يكون ورعا حريصا على أن لا يلقى الله وقد آذى مسلما وعرض نفسه للخطر وأذهب حسناته وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال صلى الله عليه وسلم إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته من قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار” رواه مسلم، وعن أبي موسى الأشعرى رضى الله عنه قال قلنا يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال “من سلم المسلمون من لسانه ويده” فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف قربة وعبادة يغفل عنها كثير من المسلمين، وهي عبادة كف الأذى عن الناس.

قد يعجبك ايضا
تعليقات