القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

العادة والعبادة ” الجزء الثانى “

103

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع العادة والعبادة، وما أجمل أن تكون كل حياتنا لله، ساعتها سنشعر بجدوى الحياة والحكمة من الوجود، وبإخلاصها لله تعالى يكون الفوز بالجنان بإذن الله تعالى وبصرفها إلى غير وجهه الكريم سبحانه نكون قد أخذنا بأنفسنا إلى درك العذاب والعياذ بالله، فإن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة مما أمر به أو أمر به رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم تقربا إلى الله تعالى، وابتغاء لثوابه، أما العادات فهي ما اعتاده الناس فيما بينهم من المطاعم والمشارب والمساكن والملابس والمراكب والمعاملات وما أشبهها، ومن الفرق بينهما أن العادات لا تحتاج إلى نية، ولا يدخلها الرياء بخلاف العبادات، وأن العبادات الأصل فيها المنع والتحريم حتى يقوم دليل على أنها من العبادات، أما العادات فالأصل فيها الحل إلا ما قام الدليل على منعه، فقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله سؤال جاء فيه ما هو الفرق بين العادة والعبادة، وإذا كان الباعث على العبادة الرياء فما الحكم وجزاكم الله خيرا؟ 

 

فكان الجواب هو أن الفرق بين العادة والعبادة، أن العبادة ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم تقربا إلى الله، وابتغاء لثوابه، وأما العادة فهي ما اعتاده الناس فيما بينهم من المطاعم والمشارب والمساكن والملابس والمراكب والمعاملات وما أشبهها وهناك فرق آخر وهو أن العبادات الأصل فيها المنع والتحريم حتى يقوم دليل على أنها من العبادات، لقول الله تعالى كما جاء فى سورة الشورى ” أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به ” أما العادات فالأصل فيها الحل إلا ما قام الدليل على منعه، وعلى هذا فإذا اعتاد الناس شيئا وقال لهم بعض الناس هذا حرام، فإنه يطالب بالدليل، يقال أين الدليل على أنه حرام؟ وأما العبادات فإذا قيل للإنسان هذه العبادة بدعة، فقال ليست ببدعة، قلنا له أين الدليل على أنها ليست ببدعة، لأن الأصل في العبادات المنع حتى يقوم دليل على أنها مشروعة، وقال الشاطبي وقد اتفقوا على أن العادات لا تفتقر إلى نية، وهذا كاف في كون القصد إلى الحظ لا يقدح في الأعمال التي يتسبب عنها ذلك الحظ. 

 

وقيل أن الرياء خاص في الأعمال الصالحة، ولذا لو عمل الأعمال الدنيوية ليمدحه الناس فهذا ليس من الرياء، مثال ذلك لو حسن بيته أو مركبه ليمدحه الناس، ويدل على ذلك ما رواه الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس أنه قال ” من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق” فذكر الأعمال الصالحة فقط، وبين العادة والعبادة يكون الدين حاضرا في مجتمعنا بالشكل الذي يتعامل به الأفراد بمعنى أن هناك من يتعامل مع الدين على أنه عبادة، ويعمل بمقتضى ذلك، وهناك من يتعامل مع الدين على أنه عبادة ويعمل به كعادة وشتان بين الاثنين فإن التعامل مع الدين على أساس أنه عبادة يكون قائما على أسس ثابتة، ومن منطلق عقيدة راسخة، وإيمان مطلق، بينما يكون التعامل مع الدين كعادة قائما كمظهر اجتماعي أو أسلوب، لكسب الناس بالمظهر الديني والهالة الإيمانية قالبا دون ما يكون قلبا ويقدم الشخص لنفسه صورة، قد تكون غير حقيقية ولكنها مقبولة، وهذا ما يأخذنا للسؤال وهو ما الذي يجعل من الدين عادة وليس عبادة؟ 

 

فإن السبب الأساسي هو اعتقاد الشخص أن الدين مجرد واجب دون أي استشعار لمعنى العبادة مع أداء العبادات التي يقتصر البعض على أمكانها فقط فلا تترك العبادة أي أثر لذا نجد من يصلي في المسجد ويظلم في السوق، وهناك من يغتاب الأشخاص ويستمر في الاستغفار، وكم شاهدنا أشخاصا أظهروا لنا الالتزام وفي أقل موقف ظهر لنا منهم ما لم يكن بالحسبان، والسبب الأهم أن الدين ليس كما تفهم أو تقرأ أو تحفظ فهو لا يقاس بهذه الطريقة، الدين هو ما تؤمن به وتعمل بأحكامه، الدين أن تومن دون سبب بما يراه الله مناسبا وليس ما تعتقد أنت أنه مناسب، وهذا ما يجعل البعض يعتقد أنه أفضل منك دينا لأنه ملتزم والحقيقة التي قد يغفل عنها البعض، أننا كلنا كأشخاص ملتزمون ولكن ما يختلف هو درجة الالتزام ومدى تطبيقه، وآن الأون أن ندرك أن العلاقة بين العبد وربه علاقة خاصة، لا تحتمل أي تدخل ولا تتقبل أي تبرير لأن الحساب من والى الله عز وجل، وخلاصة القول إن الفرق بين العادة والعبادة يكون في النية.

 

واستحضار الجوارح لذا من الممكن أن تكون كل عادة عبادة ولكن، من الصعب أن تتحول العبادة كلها لمجرد عادة، وإن من المقرر عند أهل الشريعة أن هناك فرقا بين العادات والعبادات من منظور الفقه الإسلامي، فهل كل واجب لا بد وأن يكون من العبادات؟ أم يجوز وصف بعض الواجبات بأنها من العادات؟ فإن العبادة في اللغة تعني الطاعة والخضوع والانقياد، كما في قوله تعالى كما جاء فى سورة مريم ” وما ينبغى للرحمن أن يتخذ ولدا، إن كل من فى السموات والأرض إلا آتى الرحمن عبدا” أى بمعنى إلا يأتي ربه يوم القيامة عبدا له، ذليلا خاضعا، مقرا له بالعبودية، وكما في قوله تعالى ” إياك نعبد وإياك نستعين” أى نطيع الطاعة التي يخضع معها، وقال ابن الأثير ومعنى العبادة في اللغة هى الطاعة مع الخضوع وقال بعض أئمة الاشتقاق أصل العبودية هو الذل والخضوع، فكلمة العبادة في اللغة تدل على عابد يتذلل لمعبوده مُظهرا خضوعه له واستسلامه وانقياده التام لما يرضي معبوده، فأصل التعبد التذلل.

قد يعجبك ايضا
تعليقات