القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

إتساع أبواب الخير ” الجزء الثامن “

100

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع إتساع أبواب الخير، وإن من أبواب الخير هو بر الخالة، وإن الخالة بمنزلة الأم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رجل يا رسول الله إني أصبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة؟ قال “هل من أم لك؟ قال لا، قال “فهل لك من خالة؟ قال نعم، قال “فبِرها” رواه الترمذى، ومن لم يجِد مالا يتصدق منه فليعمل بيده وينفع نفسه ويتصدق، فعن سعيد بن أبي بُردة، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “على كل مسلمٍ صدقة” قيل أرأيت إن لم يجد؟ قال “يعتمل بيديه، فينفع نفسه، ويتصدق” قيل أرأيت إن لم يستطع؟ قال “يعين ذا الحاجة الملهوف” قيل له أرأيت إن لم يفعل؟ قال “يمسك عن الشر فإنها صدقة” رواه مسلم، ألا ما أعظم نعم رب العالمين على العباد، وما أكثر أبواب الخيرات، وما أجل أبواب الحسنات، فاعمل بإخلاص واتباع للهديى النبوى ولا تزهدن في أى عمل صالح ولو كان قليلا، ولا تحقرن السيئةَ ولو كانت صغيرة فإن لها طالبا وحسابا. 

 

واحرص على المسابقة إلى الخيرات، لتكون من الموعودين بالدرجات العلى، وإياك والتأخر عن الأعمال الصالحات، والتكاسل عن فعل الخير، فتعاقب بالتأخر عن رتبة الفائزين، وقد تعاقَب بدخول النار مع الداخلين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله” وفي رواية “لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله في النار” فكونوا على الحق أعوانا، وبأخوة الإسلام إخوانا، وتمسك أيها المسلم بالنصيحة، وهي محبة كل خير ونصرة وعز وتأييد للمنصوح له، والنصيحة شأنها عظيم، فعن أبى تميم الدارى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة” قلنا لمن يا رسول الله؟ قال “لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم” رواه مسلم، ومن حقوق المسلمين على المسلم هو الاهتمام بأمورهم، والقيام بحقوقهم، وإحاطتهم بالدعاءِ والحِرصِ على ما ينفعهم، وكف الأذى والضرر عنهم، ققال النبي صلى الله عليه وسلم. 

 

” ليس منا من لم يوقر الكبير، ويرحمِ الصغير، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر” ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا” ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا “مثَل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثَل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى” فإن أسمى الغايات، وأنبل المقاصد أن يحرص الإنسان على فعل الخير، ويسارع إليه، وبهذا تسمو إنسانيته، ويتشبه بالملائكة، ويتخلق بأخلاق الأنبياء والصديقين، لذلك فقد أوصى الإسلام الحنيف الإنسان أن يفعل الخير مع الناس، بغض النظر عن معتقداتهم وأعراقهم، وإن غايات الناس مختلفة، وأهدافهم شتى فمنهم من تتحكم فيه الأنا والشهوات، كالجاه والتجبر والعلو في الأرض بغير حق، أما الإيمان فإنه يجعل وجهة المؤمن، متجهة إلى فعل الخير والمسابقة إليه، لذلك يجب أن يكون شعار المسلم وغاية المسلم في الحياة، فقال تعالى “وافعلوا الخير لعلكم تفلحون” 

 

وإن من أهداف العمل الخيرى، هو إرضاء الله، والحصول علي الأجر والثواب، وأيضا دعوة الناس إلى الإسلام، وإن فعل الخير بما يضمن للآخرين حق الحياة الكريمة، والتنمية ومساعدة الآخرين، وكذلك نشر قيم التضامن والتسامح والتعاون، وإن دعوة الإسلام كانت دائما إلى فعل الخيرات والمسارعة إليها، حتى تكون رصيدا تسمو بالإنسان، وتصل به إلى أعلى الدرجات، لأن الشمس لا تنتظر أحدا، والزمن يمضي سريعا، والوقت هو الفرصة الذهبية التي وهبها الله للإنسان، ليعمرها بالخير والصلاح والفلاح، وإن البطء والتثاقل والتروى والـتأني ينبغي أن يكون بعيدا عن عمل الآخرة لأن عمل الآخرة طريق صحيح، لا يحتاج إلى تأمل وتفكر، ويحتاج إلى المبادرة قبل الفوات لأن كل يوم يمضي هو من الفوات، وبعد الفوات يكون الندم، والندم لا يغني عن العاقل شيئا، فالمسارعة والمسابقة والمنافسة لهم بعض السمات الأساسية منها أن المسارعة والمنافسة والمسابقة مطلب شرعي وأمر إلهي، ووصية نبوية. 

 

فقال تعالى كما جاء فى سورة آل عمران ” وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين” وإن السابقون في الدنيا إلى فعل الخيرات والمتطوعون في خدمة الإنسان هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات، فقال السعدى “فمن سبق فى الدنيا إلى الخيرات فهو السابق في الآخرة إلى الجنات، فالسابقون أعلى الخلق درجة” وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال “اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك” رواه الحاكم، فإن المسارعة والمسابقة في السير إلى الله تعالى، لا مجال فيها للروية والتؤدة والأناة فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” التؤدة فى كل شئ إلا فى عمل الآخرة” رواه أبو داود، وقال وهيب بن الورد “إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل” وقال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز في حجة حجها عند دفع الناس من عرفة “ليس السابق اليوم من سبق به بعيره، إنما السابق من غُفر له” 

 

وإن المسارعة والمسابقة في الخير صفة من صفات المؤمنين الموحدين، وذكر الله سبب استجابته لدعاء عبده زكريا أنه كان يسارع في الخيرات، وإن التفاضل في الجنة بحسب السبق والمسارعة، وإن مقامات الناس في الآخرة مبنية على مقاماتهم في السير إلى الله تعالى في الدنيا، وإذا كان الناس يتفاوتون في طبقاتهم في الدنيا فإن تفاوتهم سيكون في الآخرة أكبر وأوضح، ولقد كان الصالحون ممن قبلنا يفقهون عن الله تعالى مراده في كتابه عندما حث على المسارعة في الخيرات، ففهموا أنها مسابقة حقيقية تحتاج إلى تحفز وتشمير، كما يفعل المتسابق في الطريق، فإنها المسارعة في السير إلى الله تعالى، والتي تكون عاقبتها الرضا من الله تعالى، كما قال نبى الله موسى عليه السلام كما جاء فى سورة طه ” وعجلت إليك رب لترضى” ولقد سادت روح المنافسة في الخيرات بين المسلمين الأوائل، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالا أعلى في المسارعة إلى الخير، فعن أبي سروعة عقبة بن الحارث رضى الله عنه. 

 

قال “صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة صلاة العصر، فسلم ثم قام مسرعا، فتخطى رقاب الناس إلى بعض حُجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج إليهم، فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته، قال ذكرت شيئا من تبر وهو الذهب المكسور عندنا فكرهت أن يحبسني، فأمرت بقسمته” رواه البخارى، فلقد خشي النبي صلى الله عليه وسلم أن تحبسه هذه الأمانة يوم القيامة، فبادر إلى توزيعها، والتصدق بها، وهذا أبو الدحداح الأنصاري، لما نزل قول الله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة” فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الله ليريد منا القرض؟ قال عليه الصلاة والسلام” نعم يا أبا الدحداح” قال أرني يدك يا رسول الله، فناوله النبي صلى الله عليه وسلم يده، فقال أبو الدحداح إني قد أقرضت ربي عز وجل حائطي “أي بستاني، وكان فيه ستمائة نخلة” وأم الدحداح فيه وعيالها، فناداها يا أم الدحداح، قالت لبيك، قال أخرجي من الحائط، يعني أخرجي من البستان.

قد يعجبك ايضا
تعليقات