القاهرية
العالم بين يديك

فول_حبنا

176

سهام سمير

‏‎أعددت السحور، وكان البطل على المائدة طبق الفول، الجديد هذا العام والعام الفائت أني دمست الفول في البيت، وأقلعت عن عادة شرائه من السوق.
‏‎قطعت هذه العادة، حين اكتشفت طعم ما يُصنع في البيت بيدي، كانت تنقصني الشجاعة لفعل هذه الفعلة، وكما تقول الأمثال: “شراء العبد ولا تربيته” “هين قرشك ولا تهين نفسك” وهكذا كل شيء جاهز حتى المحشي، واللحوم والفراخ والأسماك.
‏‎من وقت لآخر يهوى أبنائي شراء الأكل من الخارج، يعتبرون الأكل الجاهز فيه من الرفاهية والدلال ما يجذبهم مثلما تجذب النساء جلسات الباديكير والمانيكير والحمامات المغربية ومثلما ينجذب الرجال لمباريات كرة القدم والألعاب الإلكترونية.
‏‎المهم أني اعتمدت سياسة صنع كل ما أستطيع صنعه في البيت، وكان من هذه الأطعمة تدميس الفول، بدء معي كتحدي، لأن احتماليات فساد الطبخة تتساوى مع احتمالات نجاحها حتى لو اتخذنا كل احتياطاتنا، وكتبنا كما يقول الشيف خفيف الدم “ورقة وقلم واكتبي ورايا يا ست الكل”
‏‎سأل ابني على السحور بشكل ساخر: إيه الفرق بقى بين الفول ده وفول الراجل؟
‏‎الفرق أنه مصنوع بحب.
‏‎لم يعجبه الرد، ونظر بسخرية مكملا سؤاله السابق: يعنى الراجل يكره الناس وهو يعمل لهم الأكل؟
‏‎بالطبع لا يكرههم لكنه لا يحبكم كما أحبكم أنا، هو يطهو للكل أما أنا فأطهو لكم فردا فردا، أعرف أنك لا تحب الليمون على الأكل فأتجنب إضافته، أختك لا تحب البصل فأعد طبقها بلا بصل وأختك الصغرى لا تحب الشطة في الطعام فلا أضيفها رغم ما قد تضيفه للأكل من طعم شهي.
‏‎الفارق أني أدمس الفول بلا أي إضافات تضيع معالمه الأصلية، لكن البائع يضيف له ما يعجل بنضجه كما يضيف ما يزيد الكمية لأنه عمله ويريد المكسب المادي منه في ذات الوقت.
أما عني فأستمتع بما أصنعه، وأما عنكم فأنتم طعم الحياة الحلو، ووجبتها الشهية التي تُشبعني وتثري روحي.

قد يعجبك ايضا
تعليقات