القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نبذه عن فتاوى الصيام ” الجزء الثامن “

94

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع فتاوى الصيام، وقد توقفنا عندما إذا أراد رجل أن يجامع زوجته عمدا فى رمضان فأكل قبل ذلك، فهل ينفعه فى عدم الكفارة المغلظة؟ لا، هذا رجل آثم من عدة وجوه، هذا يريد أن يتقوى على الجماع، ثم نقول له ما عليك شيء لأنك أفطرت بالطعام؟ لا، بل إن عليه الكفارة المغلظة والإثم العظيم، وأما عن لمس الزوجة وتقبيلها فإن الصائم يجتنبه لأنه قد لا يأمن على نفسه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، قبّل وهو صائم وهو أملك الناس لأَربه، أو لإربِه صلى الله عليه وسلم، فمن ملك ذلك جاز له، ومن لم يملك ذلك فلا يجوز له لأنه لا يضمن ماذا سيحدث له، ومن استمنى فأكثر أهل العلم على أنه يفطر، وعليه الإمساك والتوبة وقضاء اليوم، إذا كان الإنسان باختياره، بتقبيل أو لمس ونحو ذلك، أما إذا كان احتلاما فإنه لا شيء عليه، ولو احتلم في أثناء نهار رمضان، وكذلك تحرم المباشرة لمن ظن إنزالا، ومن قبل زوجته فأمنى فإن أكثر أهل العلم على أن لا شيء عليه لكن يأثم، يعنى لا قضاء عليه، ومن تعمد القيء بطل صومه.

 

ومن تقيأ رغما عنه فصيامه صحيح، قال صلى الله عليه وسلم” من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض” رواه الترمذى وابن ماجه وأحمد ولا فرق فى إخراج القيء عمدا بين وضع الأصبع أو شم الأشياء التى تهيج المعدة فيتقيأ، أو يضع يده على بطنه فيعصرها فيتقيأ، أو ينظر إلى أشياء تسبب القيء فيتقيأ، فكل هذه أشياء متعمدة تبطل الصيام، وأما إذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء، يعنى الفرد من نفسه معدته حدث فيها غثيان، أو أصيب بغثيان، والمعدة ستقذف، هل عليه أن يكبح الجماح وأن يبقي القيء؟ لا، لأن ذلك يضره، وهو ليس بمتعمد فلا شيء عليه، وأما الحجامة ففيها نزاع بين أهل العلم، والأحوط أن يقضي ذلك اليوم إذا احتجم، والتبرع بالدم الكثير يفطر أيضا، وقد ذكره بعض أهل العلم قياسا على الحجامة، فإذا احتاج إلى إعطاء دم يعطى، إذا ما احتاج لا يعطى، يعطى فى الليل، وأما خروج الدم بالرعاف أو الباسور أو قلع الأسنان أو تحليل الدم فإنه لا يفطر، لأنه أمر يسير، ودم التحليل غير دم التبرع.

 

والصائم إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيا أو مخطئا فلا شيء عليه على الصحيح، ومن أكل أو شرب ناسيا فإن الله قد أطعمه وسقاه، ورزق ساقه إليه، وليس عليه قضاء ولا كفارة، ومن رأى صائما يأكل أو يشرب وجب عليه أن ينبهه، ولو كان يعتقد أنه ناسى، لكن يجب عليه أن ينبهه لأن الأصل أن هذا منكر أمامك، واحد يأكل ويشرب في رمضان، وتعاونوا على البر والتقوى وأنت تعينه على تصحيح صيامه، وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم” إذا نسيت فذكرونى” رواه البخارى، ومسلم، فإذا فعل شيئا من المفطرات عالما به، ذاكرا، مختارا فإنه يأثم ويفسد صومه، عالما غير جاهل ذاكرا غير ناسى، مختارا غير مكره، ومن لم يتأكد أن الفجر قد طلع فله أن يأكل ويشرب حتى يتأكد أن الفجر قد طلع، لكن من شك أن الشمس قد غربت أو لا، فليس له أن يأكل ويشرب حتى يتأكد أنها قد غربت، وأما بالنسبة للكحل، والحقنة غير المغذية، وقطرة العين والأذن، ودهن البشرة، والحناء، والكحل، وأنواع الطيب.

 

فإنها كلها لا تفطر على القول الصحيح، وقد يقول قائل إنني أحس أحيانا بطعم الطيب في حلقى، لأن بعض العطور قوية، فإذا وضعها يحس بالطعم فى حلقه، فنقول لا يفطر، وآخر يقول أضع قطرة فى عينى أحس بطعمها فى حلقى، نقول الصحيح أنه لا يفطر، لكن يتجنب العطور، وأن العطور على نوعين وهما عطور سائلة، وعطور مسحوقة، فالعطور السائلة يضعها ولا حرج، وأما العطور المسحوقة التي تتطاير مثل البخور فإنه يتجنبها لما ذكره كثير من أهل العلم أنها قد تنعقد أجساما ثم تنزل إلى المعدة، فيتجنب ذلك للشبهة، ولو طار إلى جوفه غبار او دخل فيه شيء بغير اختياره، أو تمضمض واستنشق فدخل إلى جوفه ماء بغير قصد، فصيامه صحيح، ولا قضاء عليه، وأما بالنسبة لمعجون الأسنان فالأحسن أن يتجنبه فى النهار، ويستعمل السواك لأن له نفاذية قوية فقد يدخل، أما من تأكد أنه لا يدخل فله أن يستعمل معجون الأسنان، ويجوز للإنسان أن يتبرد وأن يضع نفسه فى بركة ماء، لكن لا يسبح لأن السباحة من مظان دخول الماء إلى الجسد.

 

إلى الجوف، وأما لو ألقى ثوبا مبللا على نفسه، أو جلس تحت المكيف أو غير ذلك فلا بأس بذلك،

وبالغ بالمضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائما، ويجوز للصائم أن يذوق الطعام الذى يريد شراءه، ويجوز لربة البيت أن تذوق الطعام الذي تطبخه، لكن بعد الذوق ماذا يفعل؟ يلفظه إلى الخارج، ولا يبتلعه، وأما السواك فهو سنة بلا نزاع، وهو جائز بلا نزاع، لكن اختلفوا في كراهيته بعد الزوال، والصحيح عدم الكراهية لأن الأحاديث ما خصصت شيئا لذلك، والصحابى رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كثيرا يستاك وهو صائم، ولم يفرق صلى الله عليه وسلم، بين ما قبل الزوال وما بعده، وأما بلع أجزاء السواك فإنها لا تبلع، وإذا كان للسواك طعم اختلط بالريق ولم يستطع تمييزه عن الريق فما يفطر إذا بلعه، وإما إن كان له جرم مثل القشور فلا يجوز تعمد بلعه ويجب إخراجه، وإذا استاك وهو صائم فوجد حرارة أو غيرها من طعمه فبلعه أو أخرجه من فمه وفيه ريق المسواك ثم أعاده إليه فلا يفطر، وأما بالنسبة للحقن.

 

فقد ذهب بعض أهل العلم أن كل ما يصل إلى الجوف فهو مفطر ومن ذلك الحقن الشرجية، وقال بعضهم كشيخ الإسلام أن هذا ليس أكلا ولا شربا، ولا بمعنى الأكل والشرب، فإذا كانت هذه الحقن ليست دواء ليست غذاء فإنها لا تفطر، واختار بعضهم أن ينظر إلى آراء الأطباء فإن قال إن هذه الحقنة بمثابة الأكل والشرب ألحقت به وصارت مفطرة، وإن قالوا إنها لا تعطى الجسم ما يعطيه الأكل والشرب فإنه لا يكون مفطرا، والإبر التى لا يستعان بها عن الأكل والشرب، ولكن للمعالجة وتنشيط الجسم وتقويته فلا تضر بالصيام، سواء تناولها عن طريق العضلات والوريد، أو وجد أثرها فى حلقه، وذهب بعضهم أنه إذا دخلت عن طريق الوريد أفطرت لأنها تدخل مع الدم وفى الشعب فى الجسم، وإذا كانت عن طريق العضلات لا تفطر، لكن يمكن أن نقول خلاصة، وهو إذا كانت بمثابة الأكل والشرب فطرت، وإلا فلا، ودواء الربو الذى يستعمله المريض استنشاقا يدخل القصبة الهوائية أو الرئتين عن طريق القصبة الهوائية.

 

فإنه لا يفطر، لأنه لا يدخل إلى المعدة، أما دواء الغرغرة فإنه إذا لم يبتلعه لم يفطر، لكن إذا دعت الحاجة استعمله، لا يستعمله إلا عند الحاجة، ومن أفسد صومه بأخذ شيء من المفطرات فلا يجوز له أن يكمل الأكل، يعنى لو أن إنسانا استمنى عمدا فلا يجوز أن يذهب ويأكل ويشرب، وما يتعرض له الصائم من جراح، أو رعاف، أو قيء، أو ذهاب الماء والبنزين إلى حلقه كالذين يعملون في محطات البنزين لا يفسد صومه، ومن ارتد عن الإسلام بأن استهزأ بالله، أو بآياته، أو برسوله صلى الله عليه وسلم، مثلا فإنه يفسد صومه وعليه قضاء ذلك اليوم إذا عاد إلى الإسلام، سواء أسلم فى ذلك اليوم أو بعده، وإذا خرج من سنه دم نتيجة التسوك ونحوه، فإنه يخرجه ولا يبتلعه، فإذا ابتلعه دون قصد فلا شيء عليه، وأما بلع الريق فإنه لا يفطر، غبار الطريق وغربلة الدقيق، وأما النخامة وهى البلغم فلأهل العلم فيها روايتان، إذا ابتلعه عمدا بطل صومه، والأحوط أن لا يبتلعه، وكذلك فإنه يجوز للصائم أن يغتسل ما شاء الله له أن يغتسل.

قد يعجبك ايضا
تعليقات