القاهرية
العالم بين يديك

دير السلطان ونهر النيل

116

كتب د. محمد صلاح
عندما تدخل إسرائيل على الخط علينا أن ننتبه فبينما تلعب إسرائيل دورا من خلف الستار في بناء سد النهضة الإثيوبي فهى تلعب دورا آخر علنيا في محاولة تمكين الرهبان الأثيوبيين من دير السلطان المصري الواقع في البلدة القديمة بالقدس ولدير السلطان أهمية خاصة لأنه الطريق المباشر للوصول من البطريركية المصرية إلى كنيسة القيامة ومعنى فقدانه أن يضطر الحجاج والزوار إلى المرور في طرق عمومية طويلة ليصلوا إلى كنيسة القيامة .
وبدأت المشكلة في القرن السابع عشر عندما استضاف الأقباط المصريين الرهبان الأثيوبيين الذين تخلوا عن أملاكهم في فلسطين لعدم قدرتهم على دفع الضرائب المقررة عليهم وفي عام ١٨٨٠ ومع وجود الطائفتين في مكان واحد بدأت المناوشات والتنافر والتباعد بينهما ولم يكن الاحتلال الإنجليزي بعيدا عن هذه المشكلة فشجع الأثيوبيين على اتباع أسلوب العنف لأول مرة تجاه الأقباط ووصل الأمر إلى خطف مفاتيح الدير بالقوة مما دفع أقباط مصر إلى تحرير محضر بالواقعة حتى عادت لهم مفاتيح الدير بعد مجموعة من المجالس العرفية بقيادة جميع الطوائف الثلاث الأرمن والأقباط والأثيوبيين وأصر الأقباط المصريين على إصدار حجة باللغة التركية تؤيد حقهم في ملكية الدير والاحتفاظ بمفاتيحه وذلك بسبب الخوف من تدخل القنصل الإنجليزي ومرت الأيام تهدأ الأمور فترة وتعود المشكلات إلى الواجهة مرة أخرى .
وبالطبع كان احتلال إسرائيل للقدس بالغ الأثر على قضية الدير ففجأه وبلا مقدمات أرسلت الحكومة الإسرائيلية قوات حرس الحدود العسكرية بعد منتصف ليلة عيد القيامة المجيد في 20 ابريل 1970 وأثناء إنشغال رجال الدين المسيحي في جميع الكنائس بإقامة صلوات ليلة هذا العيد في كنيسة القيامة واستولوا على الدير في غياب الأقباط المصريين ومكنوا الرهبان الأثيوبيين من الاستيلاء عليه وغيروا الكوالين والمفاتيح وأعطوا المفاتيح الجديدة للأثيوبيين واقاموا المتاريس ومنعوا المطران القبطي من الدخول للدير بعد انتهائه من الصلاة .
وهكذا مكنت القوات الإسرائيلية حليفها الأثيوبي من اغتصاب دير السلطان ويؤكد ذلك على ان الاثيوبيين انتهزوا فرصة سقوط القدس في ايدي اسرائيل والحرب بينها وبين مصر واتصلوا سرا بالسلطات الإسرائيلية ونجحوا في ان يجعلوها تغتصب الدير وتسلمه لهم وبالطبع هذا لا يشرف الأثيوبيين حيث خانوا أبناء كنيستهم الذين استضافوهم وقت شدتهم .

وعلى اثر هذا التعدي قام الانبا باسيليوس المطران القبطي في القدس بالاحتجاج لدى السلطات الاسرائيليه وقام برفع ثلاث قضايا أمام المحاكم الإسرائيلية حيث قدم المتران العديد من الحجج والمستندات والوثائق الرسمية التي تؤكد حق الأقباط العادل في هذا الدير و بالطبع لم يستطع الأثيوبيين أن يقدموا أي مستندات تثبت ملكيتهم للدير.

وعلى الرغم من طلب الحكومة الإسرائيلية التي قامت بهذا العمل العدواني من المحكمة أن لا تحكم بإعادة الدير إلى أصحابه ومع ذلك فقد اصدرت المحكمه قرارها برد الدير إلى ملاكه الأصليين الأقباط المصريين وبالرغم من هذا الحكم الصريح الحاسم فإن الحكومة الإسرائيلية اصدرت قرار مؤقت في اعقاب هذا الحكم القضائي بإيقافه وامتنعت عن تسليم الدير إلى الأقباط ولا ننسى القرار التاريخي للبابا شنودة الثالث الذي اصدر قرارا بمنع زيارة الأقباط للأراضي المقدسة في القدس طالما أن إسرائيل لم تنفذ حكم المحكمة .
هذه هى اثيوبيا رغم علمها وتأكدها بأن الدير أرض مصرية خالصة وأن المصريين هم من استضافوهم في أزمتهم لم يتوانوا في أن يضعوا أيديهم في يد الإسرائيليين ليغتصبوا ما لا يخصهم فعلينا أن ننتبه فايديهم الملوثة متماسكة ومتعاونه منذ زمن ولا تأمل إلا في اغتصاب حقوقنا سواء كانت سياسية او دينية سواء كانت نهر النيل أو غير ذلك علينا أن ننتبه .

قد يعجبك ايضا
تعليقات