القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

مشروعية الصيام ” الجزء الثانى “

92

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع مشروعية الصيام، وأن أعلى الطاعات فى رمضان أن تفرغ معظم وقتك لقراءة القرآن، ووالله لقد هجرت الأمة القرآن فى هذه الأيام هجرا مروعا، والهجر أنواع كما قال ابن القيم رحمه الله، هو هجر التلاوة، وهجر السماع، وهجر التدبر، وهجر العمل بأحكامه، وهجر التداوي به، ويوم أن هجرت الأمة القرآن أذلها الله لمن كتب الله عليهم الذل والذلة، ولا عزة ولا كرامة لهذه الأمة إلا إذا عادت من جديد إلى أصل عزها وشرفها وهو كتاب ربها عز وجل، وقال الله تعالى ” ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا” وها نحن نرى الأمة تعيش عيشة الضنك والشقاء في كل مجال من مجالات الحياة، وما ذاك إلا يوم أن أعرضت عن كتاب الله، وإن رمضان شهر القيام، فلا تنشغل بالفوازير والمسلسلات والأفلام، ولكن انشغل بطاعة الرحيم الرحمن، ففى هذا الوقت من الليل يصلى المسلمون صلاة القيام، وصلاة التراويح، ومن السنة ألا تنصرف من صلاة التراويح حتى ينصرف الإمام من الصلاة.

 

فلا تصل ركعتين وتنصرف لتتابع مسلسلا أو فليما من الأفلام، بل صبر نفسك على طاعة الله، فلقد مضى عمرك وقضيت الساعات الطوال أمام التلفاز قبل ذلك، فلا تضيع دقيقة في هذا الشهر، وكن فى كل لحظة فى طاعة لله، حتى وأنت في عملك انشغل بالأذكار، وانشغل بكلمة التوحيد، وانشغل بالصلاة على محرر العبيد، ولا تضيع دقيقة، وليكن لسانك رطبا في كل دقيقة بذكر الله عز وجل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من قام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” رواه البخارى ومسلم، فانظر إلى فضل صلاة التراويح، فيقول صلى الله عليه وسلم “من قام” أى من صلى صلاة القيام، أو صلاة التراويح، وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” رواه البخارى ومسلم، وليلة القدر هى في العشر الأواخر فى الأيام الوترية، فاحرص على أن تقيم العشر كلها لله، ليرزقك الله ليلة القدر.

 

فإن رزقت بهذه الليلة سعدت في دنياك وأخراك ” ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء” فمن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، وكما ينبغى المحافظة على بقية الصلوات في نهار رمضان فى جماعة، فلا تتخلف فى رمضان عن صلاة فى بيت الله إلا لعذر شرعى، واحرص على الجماعة، فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط” رواه البخارى ومسلم، وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات أيبقى من درنه شيء؟ أى بمعنى هل يبقى على جسده شيء من الأوساخ أو القذارة؟ قالوا لا، يا رسول الله، قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا” رواه البخارى ومسلم.

 

وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” تحترقون تحترقون، أى بالذنوب والمعاصى، فإذا صليتم الصبح غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب عليكم شيء حتى تستيقظوا” فإذا فعلت ذلك تنام طاهرا مبرأ، فإنه فضل الصلاة، وأحذر من تضييع صلاة الفجر والعصر لأن كثيرا من الناس يقضون الليلة أمام السهرات الرمضانية التلفزيونية، ويضيعون صلاة العصر لأنهم يعودون بعد العمل فينامون، فتضيع صلاة العصر طيلة أيام الشهر، فأحذر من هذا التفريط، أما صلاة الفجر فمن ضيعها بصفة مستمرة فيخشى عليه النفاق، فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الفجر وصلاة العشاء” رواه البخارى ومسلم، وعن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

قال “من ضيع صلاة العصر فقد حبط عمله” رواه البخارى، وهذا حديث في أعلى درجات الصحة، أى من ضيعها من غير عذر شرعى، فإن كنت متعبا وضبطت ساعة الوقت على أن تقوم لصلاة العصر فحبس الله روحك ونفسك فلم تستيقظ فلا حرج عليك إن شاء الله، لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” لا تفريط في النوم” لكن أرجو ألا تكون معتادا لذلك، وعليك أن تحرص، والله عز وجل يقول ” فاتقوا الله ما استطعتم” فاحرص على صلاة الفجر والعصر والعشاء في جماعة في بيت الله تعالى، فضلا عن بقية الصلوات، ولنعلم جميعا أن رمضان شهر الإنفاق والإحسان، فعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان” رواه البخارى فأخرج زكاة مالك في رمضان لتنال الأجر المضاعف من الرحمن، وأكثر من الصدقة فى رمضان، وتعرف على بيوت الفقراء والمساكين فى رمضان، وعليك أن تجعل ضمن برنامج الطاعة في رمضان.

 

نصف ساعة لتذهب إلى بيوت الفقراء والمساكين فى الليل البهيم لتدخل إلى قلوبهم البسمة والسعادة والسرور، ليملأ الله قلبك سعادة في الدنيا والآخرة، فأنفق ولا تخش من ذى العرش إقلالا، فوالله لن يقلّ مالك من الصدقة، فعن أبي كبشة الأنمارى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “ثلاث أقسم عليهن الرسول يقسم وهو الصادق الذى لا يحتاج إلى قسم” ما نقص مال عبد من صدقة، وما ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر” فأنفق يا من منّ الله عليك بالمال، فأطعم الطعام في رمضان، وليس بالضرورة أن يكون إطعام الطعام للفقراء فحسب في بيوت الله، وإنما قدم الطعام ليأكل منه الغنى والفقير والمسافر والمقيم، فأطعم الطعام فإن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وهذا شطر من حديث معاذ بن جبل رضى الله عنه الذي فيه “ألا أدلك على أبواب الخير، الصوم جنة، أى وقاية والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار” فأكثر من الصدقة والإنفاق.

 

فيقول صلى الله عليه وسلم “وما من يوم إلا وينادى ملكان من السماء فيقول الأول اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الثانى اللهم أعط ممسكا تلفا” والله عز وجل يقول كما جاء فى سورة البقرة ” الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم” فمالك يا ابن آدم تقول مالي مالي مالي؟ وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت؟ فقال صلى الله عليه وسلم سأل أصحابه فقال “أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ أى من منكم يحب مال الورثة بدرجة تفوق حبه لماله الخاص؟ قالوا ما منا أحد إلا وماله أحب إليه من مال وارثه، فقال صلى الله عليه وسلم” فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر” رواه مسلم، فهيا نافس أهل الخير على قدر جهدك وطاقتك ” فاتقوا الله ما استطعتم” فابحث عن الفقراء والمساكين وأطعمهم فإن هناك من بيوت المسلمين من لا يذوق طعم اللحم في العام إلا مرة أو مرات قليلة، في الوقت الذى يرمى فيه اللحم في كثير من بيوت المسلمين بعد موائد الطعام.

قد يعجبك ايضا
تعليقات