كتبت/نور الهدى محمد
كنت أعجبُ من تلك القسوة المزعوم بأنها من نسل الحب، ولم أكن أعلم قط ابنا للحب غير الرحمة والحنين والشوق، وما القسوة إلا ابنة الانتصار للذات أو الانتقام أو ضربا من ضروب الثأر ..
لكنها لطالما أحبت أن تتزين في ثوب ابنة الحب، وفي ثوب القطة المتحدثة عن بنتها باكية “أكلتها من شدة الخوف عليها ” هنا قد أفهم ترجمة تلك الكلمة بأنني أكلتها قبل أن يأكلها أحد غيري، أكلتها لأنها ملكي، أكلتها لأن لا أحد سيلومني على أكلها وكلهم سيرفعون القبعة لشدة التأثر مما شاهدوا من عمق الحب ودرجة الترقِ فيه، أكلتها كضرب من الأنانية والتملك!
فأنا أمها الرحيمة المحبة، لي الحق في التدمير، لي الحق في الفتك.. لأني أحبها!
سحقا لهذا الهزل والسريالية الدائمة..
أيمكن للحب أن يكون بهذا السخف؟!
والحقيقة أنني بعد الكثير من المشقة والكثير من التجارب والكثير من الحب، وصلني نبأ بأسطورة من زمن مضى… من آلاف السنين ..تنص على:
أن الحب كان له سلوكا معربدا أحيانا، فلربما وهو سكير يوما ما، وقع على جارية مسافحة، أشبه بجواري شارع الهرم، غير أنها لم تأخذ احتياطاتها تلك الليلة وأمست حاملا في طفل له، غير أنها أحبت الحب وأبت أن تجهض طفله منها..
حتى أنجبت_أو أحمقت_ طفلا ..وسمته (الأنانية) وكانت تداعبه فتناديه ب(القسوة) حتى رشد واشتد عوده..وذاع أمره واستحسنه الناس وتناسوا انه ابن عاهرة
وتذكروا انه ابن الحب
وما أرى الحب الآن إلا بوجهيه.. العربيد وهو أبو القسوة
والتائب الطاهر وهو أبو الرحمة
وكانت تلك من الأساطير التي غفل عنها البشر
آدم .. قابيل وهابيل
الحب …الأنانية والرحمة
لربما لو تذكر قابيل -الذي أحب زوجة أخيه- أنه بقتله لهابيل سيحرق قلبها، لعرف أن حبه معربدا، فعزف عن فعلته!
لو أننا قبل أن نفعل لمن نحب شيئا سألنا أنفسنا .. هل حبنا معربدا أم طاهرا؟
لآثرنا الحب المستقيمَ ولعلمنا أن العربيد من الحب مثله كمثل أي شر ..سهل …أهون في تطبيقه
وأن طاهر الحب مثله كمثل أي طريق صحيح .. صعب ..وعر .. شاق التطبيق
ولصبر الناس على الطهر وآثروا الرحمة لو كانوا يعقلون.