القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

معاذ بن جبل الجزء الخامس

102

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع الصحابى الجليل معاذ بن جبل، وروى موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، قال خطب عمر الناس بالجابية فقال من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل، وعن أبي سفيان، قال حدثني أشياخ منا أن رجلا غاب عن امرأته سنتين فجاء وهي حبلى، فأتى عمر، فهم برجمها، فقال له معاذ إن يك لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل، فتركها، فوضعت غلاما بان أنه يشبه أباه قد خرجت ثنيتاه، فقال الرجل هذا ابني فقال عمر عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ، لولا معاذ لهلك عمر، وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول حين خرج معاذ إلى الشام لقد أخل خروجه بالمدينة وأهلها في الفقه، وفيما كان يفتيهم به، ولقد كنت كلمت أبا بكر الصديق أن يحبسه لحاجة الناس إليه، فأبى علي وقال رجل أراد وجها يعني الشهادة فلا أحبسه، قلت إن الرجل ليرزق الشهادة وهو على فراشه، وعن شهر بن حوشب، قال كان أصحاب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إذا تحدثوا وفيهم معاذ، نظروا إليه هيبة له.

وعن عبد الرحمن بن كعب قال كان معاذ شابا جميلا سمحا من خير شباب قومه، لا يسأل شيئا إلا أعطاه، حتى كان عليه دين أغلق ماله كله، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلم له غرماءه ففعل، فلم يضعوا له شيئا، فلو ترك أحد لكلام أحد لترك لمعاذ لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبرح حتى باع ماله، وقسمه بينهم فقام معاذ ولا مال له، ثم بعثه على اليمن ليجبره ، فكان أول من تجر في هذا المال، فقدم على أبي بكر فقال له عمر هل لك يا معاذ أن تطيعني ؟ تدفع هذا المال إلى أبي بكر، فإن أعطاكه فاقبله، فقال لا أدفعه إليه، وإنما بعثني نبي الله ليجبرني، فانطلق عمر إلى أبى بكر، فقال خذ منه ودع له، قال ما كنت لأفعل، وإنما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجبره، فلما أصبح معاذ، انطلق إلى عمر فقال ما أراني إلا فاعل الذى قلت، لقد رأيتنى البارحة، أظنه قال أجر إلى النار، وأنت آخذ بحجزتي، فانطلق إلى أبي بكر بكل ما جاء به، حتى جاءه بسوطه.

وقال أبو بكر هو لك لا آخذ منه شيئا، وفي لفظ قد وهبته لك، فقال عمر هذا حين حل وطاب، وخرج معاذ عند ذلك إلى الشام، فقال معاذ بدل أجر إلى النار، كأنى في ماء قد خشيت الغرق فخلصتنى، وعن جابر بن عبد الله قال كان معاذ من أحسن الناس وجها، وأحسنه خلقا، وأسمحه كفا، وقيل قدم معاذ من اليمن برقيق، فلقي عمر بمكة، فقال ما هؤلاء ؟ قال أهدوا لي، قال ادفعهم إلى أبي بكر، فأبى، فبات، فرأى كأنه يجر إلى النار وأن عمر يجذبه، فلما أصبح، قال يا ابن الخطاب ما أراني إلا مطيعك، إلى أن قال فدفعهم أبو بكر إليه، ثم أصبح فرآهم يصلون، قال لمن تصلون ؟ قالوا لله، قال فأنتم لله، وعن سعيد بن المسيب أن عمر بعث معاذا ساعيا على بني كلاب أو غيرهم فقسم فيهم فيئهم حتى لم يدع شيئا، حتى جاء بحلسه الذى خرج به على رقبته، وعن نافع قال كتب عمر إلى أبي عبيدة ومعاذ انظروا رجالا صالحين، فاستعملوهم على القضاء وارزقوهم، وقيل أن رجل مر به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال أوصونى.

فجعلوا يوصونه، وكان معاذ بن جبل في آخر القوم، فقال أوصني يرحمك الله، قال قد أوصوك فلم يألوا، وإني سأجمع لك أمرك اعلم أنه لا غنى بك عن نصيبك من الدنيا، وأنت إلى نصيبك إلى الآخرة أفقر، فابدأ بنصيبك من الآخرة، فإنه سيمر بك على نصيبك من الدنيا فينتظمه، ثم يزول معك أينما زلت، وعن عبد الله بن الصامت عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال” ما بزقت على يميني منذ أسلمت” وعن أبى بحرية قال دخلت مسجد حمص فإذا بفتى حوله الناس، جعد، قطط، إذا تكلم كأنما يخرج من فيه نور ولؤلؤ، فقلت من هذا ؟ قالوا معاذ بن جبل، وعن معاذ قال ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله، قالوا يا أبا عبد الرحمن، ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولا، إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع لأن الله تعالى يقول في كتابه “ولذكر الله أكبر” وعن مالك الدار أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ أربع مائة دينار، فقال لغلام اذهب بها إلى أبي عبيدة، ثم تله ساعة فى البيت حتى تنظر ما يصنع قال فذهب بها الغلام.

فقال يقول لك أمير المؤمنين خذ هذه ، فقال وصله الله ورحمه ، ثم قال تعالي يا جارية، اذهبي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، حتى أنفذها، فرجع الغلام إلى عمر، وأخبره، فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل، فأرسله بها إليه، فقال معاذ وصله الله، يا جارية اذهبي إلى بيت فلان بكذا، ولبيت فلان بكذا، فاطلعت امرأة معاذ، فقالت ونحن والله مساكين، فأعطنا، ولم يبق في الخرقة إلا ديناران، فدحا بهما إليها ورجع الغلام، فأخبر عمر، فسر بذلك، وقال إنهم إخوة بعضهم من بعض، وقيل أن يزيد بن عميرة، وكان من أصحاب معاذ بن جبل، قال كان لا يجلس مجلسا إلا قال الله حكم قسط تبارك اسمه، هلك المرتابون، فقلت لمعاذ ما يدريني أن الحكيم يقول كلمة الضلالة ؟ قال بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التى يقال ما هذه، ولا يثنيك ذلك عنه فإنه لعله يرجع ويتبع الحق إذا سمعه، فإن على الحق نورا، وعن أم سلمة أن أبا عبيدة لما أصيب، استخلف معاذ بن جبل يعنى فى طاعون عمواس اشتد الوجع.

فصرخ الناس إلى معاذ ادع الله أن يرفع عنا هذا الرجز، قال إنه ليس برجز ولكن دعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وشهادة يخص الله من يشاء منكم، أيها الناس، أربع خلال من استطاع أن لا تدركه، قالوا ما هى ؟ قال يأتى زمان يظهر فيه الباطل، ويأتى زمان يقول الرجل والله ما أدرى ما أنا، لا يعيش على بصيرة، ولا يموت على بصيرة، قال معاذ بن جبل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ستهاجرون إلى الشام، فيفتح لكم، ويكون فيه داء، كالدمل أو كالوخزة يأخذ بمراق الرجل، فيشهد أو فيستشهد الله بكم أنفسكم، ويزكى بها أعمالكم اللهم إن كنت تعلم أن معاذا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطه هو وأهل بيته الحظ الأوفر منه، فأصابهم الطاعون، فلم يبق منهم أحد فطعن في أصبعه السبابة، فكان يقول ما يسرنى أن لى بها حمر النعم، ولما وقع الطاعون بالشام، فخطب الناس عمرو بن العاص، فقال هذا الطاعون رجز، ففروا منه في الأودية والشعاب، فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة، فغضب، وجاء يجر ثوبه ونعلاه في يده.

فقال صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، ووفاة الصالحين قبلكم، فبلغ ذلك معاذا فقال اللهم اجعل نصيب آل معاذ الأوفر، فماتت ابنتاه، فدفنهما في قبر واحد، وطعن ابنه عبد الرحمن، فقال لابنه، لما سأله كيف تجدك ؟ قال الحق من ربك فلا تكن من الممترين قال ستجدني إن شاء الله من الصابرين قال وطعن معاذ في كفه، فجعل يقلبها، ويقول هي أحب إلى من حمر النعم فإذا سرى عنه، قال رب، غم غمك، فإنك تعلم أني أحبك، ورأى رجلا يبكي، قال ما يبكيك ؟ قال ما أبكى على دنيا كنت أصبتها منك، ولكن أبكى على العلم الذى كنت أصيبه منك، قال ولا تبكه فإن إبراهيم صلوات الله عليه كان في الأرض وليس بها علم، فآتاه الله علما، فإن أنا مت، فاطلب العلم عند أربعة عبد الله بن مسعود، وسلمان الفارسى، وعبد الله بن سلام، وعويمر أبى الدرداء، وعن عروة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف معاذا على مكة حين خرج إلى حنين، وأمره أن يعلمهم القرآن والدين.

قد يعجبك ايضا
تعليقات