القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

سلسلة عالم وفكرة الجزء الثالث والأربعون

88

 

كتب د – بدران رياض

الفقيه الزاهد الوزير العباسي ابن هبيرة الدوري السامرائي
الفكرة :الستر على العاصي من مكارم الأخلاق
من بينات الشرع الشريف دعوته لستر أصحاب الذنوب والخطايا لأن ذلك من الواضحات التي قد لا تحتاج إلى برهان فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ومع ذلك فالمعصية إذا انتشرت وتحدث الناس بها أو فعلت علانية أضرت بعموم الناس وسيطرت علي الناس روح الاستهانة بمحكمات الدين الحنيف والاستخفاف بأحكامه.
فينشأ على هذه المعاصي والفواحش الصغير ويتعود عليها الكبير وتصبح من عادتهم ومألوفاتهم وقد ينكرون المعروف وهو لا يدرون ويعاديون من يرشدهم إلى الصواب فصيرون أشخاصًا لا يعرفون معروفـًا ولا ينكرون منكرًا وفي هذا من الفساد ما فيه .
فتتبع عورات الخلق المستورة ونشرها وفضحهم بها نوع من الرذائل الخلقية المذمومة بل ومحبة لشيوع الفواحش بين عباد الله المؤمنين فمن صفاته تعالى أنه ستير يحب الستر فليتخلق كل مسلم بهذه الصفة ليكون جديرًا بحب الله وعفوه وستره
ولذا يرفض الإسلام ذلك المسمى بالأدب المكشوف أو أدب الاعترافات المتذرع بالصدق ولكن يترتب عليه مفاسد أخلاقية لا حصر لها بل قد يعد هو المسئول عن الانحدار الأخلاقي في المجتمع ، فالناس تقتدي بالنوابغ كنتيجة طبيعية للإعجاب بهم فإذا سيطرت على نفوسهم الانحدار البهيمي بلا ضوابط أو مبادئ وقيم تضحى مبررًا قويـًا لغيرهم للانزلاق إلى ما هو أشد منها قوة وخطرًا .
ومن هنا كانت تلك النصائح الغالية التي ذكرها الفقيه الزاهد الوزير العباسي ابن هبيرة الدوري السامرائي: “اجتهد أن تستر العصاة ، فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام وأولى الأمور ستر العيوب “.
فهو لا يدعو فقط لستر أهل العصيان بل يدعو إلى بذل الجهد الأعظم من أجل هذا الستر عليهم ويبرر ذلك بأن ظهور المعاصي والتشجيع على انتشارها عيب على أهل الإسلام ودعوة للصد عن سبيل الله.
بل يدعو شيخنا ابن هبيرة أن تكون من أولويات عمل المسلم ستر أهل المعصية فذلك دحر لها ومحاربتها .
وفي دعوته هذه نشر للفضائل الأخلاقية الجميلة ودعوة الناس إليها والإعلاء من شأنها ومحاصرة المفاسد ودحر أهلها وحصارهم داخل نطاقات ضيقة لا يبرزون للمجتمع بما يعود عليه بالانحلال ومن ثم الضعف والتفكك .

قد يعجبك ايضا
تعليقات