القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

سلسلة عالم وفكرة الجزء التاسع والثلاثون

158

 

كتب د – بدران رياض

العالم : الحكيم المصلح الناصح للأمة رجاء بن حيوة وزير الخليفة سليمان بن عبد الملك
الفكرة : الشخصية المسلمة المتكاملة
يبدو أن غياب الشخصية المسلمة السوية – وهي التي تجمع بين جمال التعبد وحسن السلوك- قد بدت ملامحه في وقت مبكر من تاريخ المسلمين واهتم العلماء والحكماء بإحياء المعالم الرئيس لبروز هذه الشخصية من جديد لتكون هي العنصر الغالب في المجتمع الإسلامي .
إن وجود هذه الشخصية بكثرة في المجتمعات الإسلامية كانت هي العنصر الحاسم في انتشار الإسلام في ربوع العالم، فالتاجر المسلم الفاهم لدينه المتمسك بأخلاقه هو الذي نشر الإسلام في أرجاء المعمورة بسلوكه القويم وسعة أفقه امتلاء قلبه محبة وإجلالا لخالقه وخفض جناحه للخلق فيرون فيه صورة الإسلام الحقيقية فتمتلأ محبة الإسلام سويداء قلوبهم فيدخلون فيه أفواجًا وأفرادًا عن قناعة وحب .
فقد أحس العالم الحكيم والوزير النابه رجاء بن حيوة بوجود انفصام حاد عند البعض بين الأعمال التعبدية من ناحية والسلوكية القلبية من ناحية أخرى فأظهر فهمه الشمولي للإسلام للناس فيعرضه بصورته الشاملة دون هذا الفصام النكد فقال كلمته الجامعة : ” ما أحسن الإسلام ؛ويزينه الإيمان ؛ وما أحسن الإيمان؛ ويزينه التقوى؛ وما أحسن التقوى؛ ويزينه العلم؛ وما أحسن العلم ؛ويزينه الحلم؛ وما أحسن الحلم ويزينه الرفق”.
فالإسلام ها هنا هو الأعمال التعبدية الظاهرة من الأركان الخمسة وغيرها فلا يمكن أن يتم إلا أن يكون مصحوبًا بالأعمال القلبية ورأس هذه الأعمال القلبية هو التقوى الدرة المفقودة ومناط التفاضل بين البشر عند الله تعالى والهدف المتحصل من العمل الصالح والمجاهدة للنفس.
ومع أهمية التقوى وعظم خطرها إلا أنها لا يمكن أن تتحقق الثمرة المرجوة منها بغير علم وفقه رشيد ومع ما للعلم من ضمان حسن السير وضبط التعبدات والتعاملات بضوابط الشرع الشريف.
فقد نجد من اجتمعت فيه الشروط السابق ذكرها واستكمل معالمها ومع ذلك قد يفقد صبره في الاحتكاك بمن فسد خلقه ولا يستطيع الصبر على أذى هذه النوعية من الناس فتضغف القدرة على التواصل معهم وقد ييأس من تقويم سلوكهم بالحسنى والموعظة الحسنة كما هو آمر الذكر الحكيم
ومن هنا كانت الضرورة لاستكمال الشخصية السوية عن طريق الحلم الذي يضبط الجوارح من انجرافها نحو هاوية الردود العنيفة وفيها ما فيها من عواقب وخيمة
ولا ينقص الشخصية السوية بعد ذلك سوى الرفق الذي إذا ما وضع في شيء زانه وما نزع من شيء إلا شانه
إن بناء الشخصية السوية كان هو الشغل الشاغل للعلماء الربانيين على مر العصور ولابد من مراجعة أنفسنا إلى الإسلام من جديد وتحقيق معانيه في القلب والجوارح .

قد يعجبك ايضا
تعليقات