القاهرية
العالم بين يديك

كبسولات_قصصية

172

 

رشا فوزي

“الفنون….”

كان حفلي الأول بدعوة من صاحب دار النشر في قاعة على بحر، جاورت على الطاولة زميلا أقدم مني في عالم الأدب الاحترافي، منشغلا بتفحص زخرف المكان، صخبه، ومريديه، حينما انتبهت على وقع أنامل رفيقي على كتفي مصحوبا بصوته ساخرا:

– انظر تلك “النمرة” المقبلة علينا!

لم أفهم، لكني التفت صوب ما ينظر إليه متكلّفا ابتسامة.

 أنيقة تمشي باعتداد حالم، وتلبس نظارة شمس ليلا!

كانت النظارة تغطي نصف وجهها، خلعتها عندما دنت منا ملقية سلاما هادئا مترفعا، ودونما تعريف جلست إلينا.

نظرت إلى زميلي متعجبا؛ وقد أشاحت عنا بوجهها صوب البحر بلا كلمة واحدة، ابتسم لي بنظرة ماكرة واضعا سبابته على فمه كأنما يطالبني بالمشاهدة صامتا. 

– حبيبي في كل العصور!

كانت ما تزال تنظر للبحر عندما وصلني صوتها هائما، ثم التفتت إلينا تردف موضحة:

– البحر.

لتتابع بألفة كأننا أصدقاء منذ سنين:

– هل تعلمان في حياتي السابقة كنا سنتزوج، إلا إن إحدى فتيات عائلته – تلك الشيطانة الحقودة- أوقعت بيننا،

تصوروا كان سيتركني ليتزوجها، لكني كنت الأذكى؛ ذهبت وألقيت بنفسي في أحضانه!

كنت مبهوتا وأنا أرى لمعة الفوز حقيقية في عينيها ممتزجا بنبرة تباهي صادقة في صوتها، ثم وقبل أن أفيق من ذهولي رأيتها تلوح بيدها فجأة في الهواء، وتبتسم لنا معتذرة وهي تلتقط نظارتها وحقيبتها متعجلة وتغادرنا.

تبعتها بسرعة بعينيّ، رأيتها تتجه صوب صاحب الدار بدلال واثق بينما يستقبلها بترحاب مبالغ فيه، وقد أعادت النظارة إلى وجهها.

التفت إلى رفيق طاولتي، كانت ابتسامته اللعوب تملأ وجهه، بينما الدهشة تقفز من عيني :

– من تلك المرأة؟، هل هي مجنونة؟!

انطلقت الضحكات من فمه تقعقع، بينما يجاهد ليخرج صوته واضحا:

– بل أديبة

قد يعجبك ايضا
تعليقات