القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

نظرة تأمل مع أحكام الصيام الجزء الثانى

79

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع أحكام الصيام، وأما عن أحكام الصوم فى علم فروع الفقه الإسلامى وهى دراسة شرعية لأحكام الصوم مستفادة من أدلة الشرع الإسلامى، وقد اهتم علماء الفقه بموضوع الصيام، وجعلوه قسما من أقسام فقه العبادات يعرف بكتاب الصوم، ويشمل أبوابا وفصولا ومسائل وغيرها من التفريعات، ويتضمن تعريف الصوم، وحكمه، والأصل فى مشروعيته، وأركان الصوم وشروطه ومبطلاته ومستحبات الصوم ومكروهاته، وصوم شهر رمضان وأنواع الصوم وأقسامه وأحكام نية الصوم وتبييت النية، وأحكام الإفطار فى رمضان والقضاء والفدية والصوم في السفر وصوم المريض وصوم الحائض وما يذكر ضمن ذلك من آيات أحكام الصيام، وأحكام مواقيت الصوم وأحكام ليلة الصيام ورؤية هلال رمضان ويوم الشك ويوم الغيم ومطلع الفجر وليلة القدر فى ليالى شهر رمضان وقيام ليالى رمضان بالعمل الصالح فيها، وصلاة قيام رمضان، واستكمال عدة شهر رمضان ثلاثين يوما عند عدم رؤية هلال شوال.

واستكمال شهر شعبان ثلاثين يوما عند عدم رؤية هلال شهر رمضان، وصوم التطوع مثل صوم عاشوراء، والصوم في شهر المحرم، وصوم ست من شوال وهو العاشر من المحرم، وصوم الإثنين والخميس، صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصوم يوم عرفة لغير الحاج، وصوم يوم وفطر يوم، والصوم المنهى عنه مثل صوم يوم الشك، وصوم يوم الغيم، والصوم الحرام وهو صوم يومى العيد، وصوم أيام التشريق، ومن الأبواب الملحقة بالصيام الاعتكاف والأحكام المتعلقة به، وأما عن أنواع الصوم من حيث الحكم الشرعى المتعلق به يشمل أنواعا متعددة، وقد ذكر الفقهاء تقسيمات متعددة، ومهما اختلفت هذه النقسيمات فهى لا تخرج عن قسمين بحسب تقسيم الحكم الشرعي أى باعتبار أن الصيام من حيث هو عبادة مشروعة يطلب في الشرع فعلها على وجه الإلزام أو بغير إلزام، وقد يقتضى الشرع تركها على وجه الإلزام أو بغير إلزام، فالصوم إما أن يكون مما يطلب فعله أو تركه، فهذان قسمان وكل منهما إما على جهة الإلزام أو بغير إلزام.

فهذه أربعة أقسام بحسب الحكم الشرعى، أما القسم الخامس وهو المباح فلا يدخل في الصوم لأنه عبادة والعبادة لا توصف بالإباحة، وعلى هذا التقسيم فالصوم إما أن يكون مما يطلب فى الشرع فعله على وجه الإلزام وهو أنواع أولها الصوم المفروض وهو صيام شهر رمضان أداء وقضاء، وصيام الكفارات، والصيام المنذور، ولا فرق بين الفرض والواجب واللازم والحتمى عند جمهور الفقهاء، فهى كلها ألفاظ مترادفة بمعنى واحد، خلافا للحنفية حيث أنهم فرقوا بين الفرض والواجب، وعلى كل الأحوال فهذه الأنواع من الصيام الذى يطلب فعله على وجه الإلزام، وإن كان الصيام مما يطلب فى الشرع فعله لا على وجه الإلزام فهذا قسم ثان من أقسام الصوم، وهو الصوم المسنون ويشمل جميع أنواع صوم التطوع وأنواعه كثيرة، مثل: صوم يوم عاشوراء وهو العاشر من شهر المحرم، ويتأكد معه صيام يوم قبله أو بعده، والصوم فى شهر المحرم وصوم ست من شوال، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر وغير ذلك من أنواع صوم التطوع.

ويتضمن أيضا صوم النفل المطلق، والقسم الثانى من أقسام الصيام هو ما اقتضى الشرع تركه وهو الصوم المنهى عنه إما على وجه الإلزام وهو الصيام المحرم بمعنى المنهى عنه فى الشرع لذاته، نهيا يقتضى إثم فاعله، وهو صيام يومى عيد الفطر وعيد الأضحى، وأيام التشريق الثلاثة، ويدخل فى هذا القسم كل ما يترتب عليه إثم فاعله مثل صوم الحائض عمدا بقصد الصوم، ويشمل أيضا الصوم المكروه كراهة تحريم مثل صوم يوم الشك، وإما أن يكون مما اقتضى الشرع تركه لا على جهة الإلزام وهو المكروه تنزيها مثل صوم يوم عرفة للحاج، وإفراد صوم يوم الجمعة، وأما عن أركان الصوم أى أجزاء ماهية الصوم التي لا يصح إلا بها، وهى الإمساك، فالصوم فى حقيقته هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وإن نية الصوم ركن من أركان الصيام عند المالكية والشافعية ورجح بعض الفقهاء أن النية هى شرط من شروط الصوم وفى الحالين فإن نية الصوم لازمة شرعا باتفاق جمهور الفقهاء، سواء على القول بأنها ركن أو شرط.

والمعنى أن الصوم لا يصح إلا بالنية، وأضاف بعض الفقهاء ركنا ثالثا من أركان الصوم وهو الصائم أى الشخص باعتبار أنه لا يعقل الصوم الشرعي إلا بفاعل وهو الصائم، وأما عن شروط الصوم وهى شروط وجوب الصوم، وشروط صحته، ومنها شروط للوجوب والصحة معا، وشروط صحة الأداء، وشروط الصيام عموما وهى البلوغ، والعقل، والإسلام، والقدرة أى إطاقة الصوم، والصحة، والإقامة، فلا يجب صوم المريض ولا الصوم في السفر، بل يجوز للمسافر الإفطار في رمضان، ولا يجب الصوم على من لا يقدر عليه، ولا يصح الصوم إلا من مسلم عاقل مميز، ويشترط النقاء من الحيض والنفاس، والعلم بالوقت القابل للصوم فيه، كما أن النية لازمة للصوم فلا يصح إلا بها، وهناك تفاصيل أوفى في كتب علم فروع الفقه، وأما عن مبطلات الصوم أو مفسدات الصوم، والفاسد والباطل في العبادات بمعنى واحد، ضد الصحيح، والذى يبطل به الصوم بمعنى ما يكون به الصوم غير صحيح، وإذا بطل الصيام فى يوم من صوم شهر رمضان.

خاصة لمن لا رخصة في الإفطار لزمه بعد بطلان صومه الإمساك بقية اليوم لحرمة الوقت، والقضاء بعد ذلك، وأما المعذور الذى يباح له الفطر كالمريض فلا يلزمه الإمساك، ويحرم تعمد الاستمرار في الإمساك بنية الصيام على من يحرم عليه الصيام كما في صوم الحائض، ومبطلات الصوم أى المفطرات هى ما وصل عمدا إلى الجوف مثل الأكل والشرب، وما هو بمعنى الأكل والشرب، حال العمد والعلم والاختيار، فيبطل الصوم بما وصل عمدا إلى مسمى جوف، كالحلق والبطن والدماغ، فيفطر بكل ما أدخله الصائم باختياره عمدا إلى جوفه، أو مجوف في جسده كدماغه وحلقه، ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته، إذا وصل باختياره، وكان مما يمكن التحرز منه، سواء وصل من الفم على العادة، أو غير العادة كالوجور واللدود، أو من الأنف كالسعوط وهو إدخال الدواء عن طريق الأنف، أو ما يدخل من الأذن إلى الدماغ، أو ما يدخل إلى الجوف من طريق القبل أو الدبر كالحقنة، أو ما يصل من مداواة الجائفة إلى جوفه، أو من دواء المأمومة إلى دماغه.

فهذا كله يفطره لأنه واصل إلى جوفه باختياره، فأشبه الأكل، وكذلك لو جرح نفسه، أو جرحه غيره باختياره فوصل إلى جوفه، سواء استقر في جوفه، أو عاد فخرج منه، وبهذا كله قال الشافعى، وقال مالك لا يفطر بالسعوط، إلا أن ينزل إلى حلقه، ولا يفطر إذا داوى المأمومة والجائفة واختلف عنه في الحقنة، واحتج له بأنه لم يصل إلى الحلق منه شيء، أشبه ما لم يصل إلى الدماغ ولا الجوف، وذكر ابن قدامة أنه واصل إلى جوف الصائم باختياره، فيفطره كالواصل إلى الحلق، والدماغ جوف، والواصل إليه يغذيه، فيفطره كجوف البدن، ويشترط فيما يصل إلى الجوف أن يكون عمدا، أما لو أدخله ناسيا فلا يبطل صومه لحديث” من أكل أو شرب ناسيا فليتم صومه” وبلع الريق غير مبطل للصوم وإن تجمع فى الفم، ولا يلزم لأجل الصوم إخراج الريق كما قد يتوهم البعض، وأما بلع النخامة عمدا فهو مبطل للصوم، وهى تختلف عن الريق، ويجب على الصائم قطعها ومجها، فهى مستقذر ويبطل الصوم ببلعها عمدا، أما إذا وصلت بغير تعمد ولا تقصير فلا يبطل بها الصوم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات