القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

فى طريق الهدايه ومع منهيات رمضان ” الجزء الخامس

92

إعداد /محمد الدكروري 

ونكمل الجزء الخامس مع منهيات رمضان، وقد توقفنا عند الحجامه فى نهار رمضان، والمتنفل له أن يفطر بالحجامة وغيرها، وهو مقصوده رحمه الله وأن الأصل الأخذ بنص” أفطر الحاجم والمحجوم” والأصل المنع فى حق الصائم، وهذا هو الأصل، فيكون قول ابن عباس “احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم” يحتمل أن هذا كان فى حال السفر، أو في العائلة، أو قبل منع الحجامة، أو حال المرض بعذر شرعى، وأما رواية الدارقطنى “أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص في الحجامة للصائم” فرواية الدارقطني لا تقاوم برواية الأئمة الكبار الذين رووا حديث” أفطر الحاجم والمحجوم، وكان أنس رضى الله عنه يحتجم وهو صائم وجماعة، وبعضهم حكاه قول الجمهور أن الحجامة لا تفطر الصائم، وبكل حال، فأمر الحجامة في الصوم فيه شبهة، وأنه ينبغي للمؤمن فى مثل هذا ترك الحجامة، إلا فى الليل خروجا من الخلاف.

وعملا بالأحاديث كلها، واحتياطا للدين، فإذا دعت الحاجة للحجامة فليؤجل ذلك إلى الليل، حتى يخرج من الخلاف، ويصح صومه إذا كان صومه فريضة، وهكذا هو حكم الاحتجام للصائم، فكان السؤال هل الحجامة تفسد الصوم أم هى منسوخة؟ وإن الجواب هذا فيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من رآها تبطل الصوم لحديث أفطر الحاجم والمحجوم، ومنهم من رآها لا تفطر لحديث أنس وغيره أنه كانوا لا يكرهونها إلا من أجل الضعف، وقد اختلف العلماء في ذلك، والمشهور أنها تفطر الصوم، وأن آخر الأمرين من النبي صلى الله عليه وسلم أنها تفطر الصائم، ولكن الخلاف قائم فيها والحجة من الجانبين قوية فالأولى من المؤمن أن يتباعد عنها أثناء الصيام يحتاط لدينه، ولا يحتجم إلا فى الليل، وأيضا فإن هناك سؤال وهو إذا طهرت النفساء ثم عاد إليها الدم وهى صائمة؟ فإذا طهرت النفساء خلال أسبوع ثم صامت مع المسلمين فى رمضان أياما معدودة، ثم عاد إليها الدم، هل تفطر فى هذه الحالة؟ وهل يلزمها قضاء الأيام التى صامتها والتي أفطرتها؟

وإن الجواب هو إذا طهرت النفساء في الأربعين فصامت أياما ثم عاد إليها الدم في الأربعين فإن صومها صحيح، وعليها أن تدع الصلاة والصيام في الأيام التي عاد فيها الدم لأنه نفاس حتى تطهر أو تكمل الأربعين، ومتى أكملت الأربعين وجب عليها الغسل وإن لم تر الطهر لأن الأربعين هي نهاية النفاس في أصح قولي العلماء، وعليها بعد ذلك أن تتوضأ لوقت كل صلاة حتى ينقطع عنها الدم، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك المستحاضة، ولزوجها أن يستمتع بها بعد الأربعين وإن لم تر الطهر لأن الدم والحال ما ذكر دم فساد لا يمنع الصلاة ولا الصوم، ولا يمنع الزوج من استمتاعه بزوجته، لكن إن وافق الدم بعد الأربعين عادتها في الحيض فإنها تدع الصلاة والصوم وتعتبره حيضا، وأما عن حكم صيام من استعمل قطر الأنف ووجد طعمها في حلقه، فإن السؤال يقول كان فى يوم من أيام رمضان المبارك أصابني ضيق في صدرى بسبب انسداد فتحة الأنف مما جعلنى أستعمل قطرة فى الأنف يومان، ونزلت إلى حلقى القطرة؟

فهل يجوز أن أقضى ذلك اليومين التى استعملت فيها القطرة، علما أني لم أفطر إلى الليل متمسك بصيامى؟ والجواب هو أن الذى تعاطى القطرة حتى وصلت إلى حلقه ينبغى له أن يقضى لأن كثيرا من أهل العلم يرى صومه يبطل بذلك، فإذا وصلت القطرة إلى حلقه فالأولى والأحوط له القضاء خروجا من خلاف العلماء، وينبغي له تأجيل القطرة في مثل هذا إلى الليل إذا تيسر تأجيل القطرة والاكتحال والدواء إلى الليل فهو يكون أفضل وأحوط، فإن استعمله في النهار لشدة الحاجة فلا بأس، لكن إن وصل الطعم إلى الحلق أفطر وإلا فلا، صومه صحيح ولا يقضى، أما الذى وصل طعم القطرة إلى حلقه فإنه يقضي ذلك على سبيل الاحتياط والخروج من خلاف العلماء، وقيل أن هناك الأعمال تجرح الصيام إذا عملناها وقت العصر، مثل المضمضة عند الوضوء لصلاة العصر، والاغتسال بالماء أو بالماء والصابون، ودهن الشعر أو أى عضو من أعضاء الوضوء أو شم رائحة العطر، ولكن نرجو الإفادة عن ذلك؟

وإن الجواب هو أن كل هذه لا تفطر الصائم، فإن المضمضة بعد العصر أو فى النهار كلها لا تفطر الصائم ولا تضر الصوم، بل شرع الله المضمضة في الوضوء والغسل فلا تضر الصوم، وهكذا الاغتسال بعد العصر أو في الضحى أو بعد الظهر، كل هذا لا يضر الصائم، وقد اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم، وتمضمض وهو صائم، وسأله عمر بن الخطاب عن القبلة للصائم؟ فأخبر أنه بمثابة المضمضة لأنه لا تضر الصائم، القبلة وهكذا المضمضة، وهكذا التنظف بالصابون، كله لا يضر الصائم، هكذا دهن الأعضاء، ودهن الرأس بالزيت أو بغير الزيت من الأدهان، كل هذا لا يضر الصائم، وهكذا شم العطر، شم العطر الذى ليس بسحيق غير مسحوق مثل أنواع الطيب من العود، من الورد لا بأس به، لكن إذا كان سحيقا، مثل سحيق المسك فإن هذا يطير في الدماغ فيترك، فينبغى تركه في حق الصائم، وهكذا البخور لا يتنشقه الصائم لأن بعض أهل العلم يراه يفطر الصائم، فينبغى ترك تنشق العود البخور، وترك تنشق الطيب.

الذى هو سحيق مثل سحيق المسك لأنه تطير أجزاؤه إلى الدماغ فيفطر عند بعض أهل العلم، فينبغي تجنب ذلك، وأما عن حكم الأكل والشرب أثناء أذان الفجر من رمضان ؟ فالسؤال يقول في شهر رمضان الكريم مع أذان الفجر، أو أثناء أذان الفجر، هل يسمح بشرب الماء قبل إنهاء الأذان؟ والجواب هو إذا كان الصائم لم يعلم أن الأذان على الصبح، بل كما يؤذن الناس على التحرى وعلى الساعة والتقويم، فلا بأس أن يشرب وهو يؤذن أو يأكل لقمة فى يده وهو يؤذن، لا بأس بهذا لأن الأذان يخبر عن الصبح، مظنة الصبح، ليس براءى للصبح وإنما يخبر عن ما عرفه بالساعة أو بالتقويم، وقد يكون الصبح خرج وقد يكون ما خرج، والله عز وجل إنما أوجب الإمساك بالتبين، فينبغى للمؤمن أن يحتاط وينتهى من سحوره قبل الفجر، قبل الأذان حتى لا يقع فى شبهة، لكن لو قدر أنه أكل شيئا يسيرا مع الأذان أو شرب حال الأذان، فالظاهر أنه لا حرج عليه فى ذلك إذا كان لم يعلم أن الصبح قد طلع.

وأما عن حكم الجنابة في رمضان؟ فإن السؤال يقول هل الجنابة تبطل الصيام أم لا؟ فإن الجواب هو أن الجنابة لها حالات فإن كانت الجنابة وقعت في الليل، بأن جامع أهله في آخر الليل مثلا ثم أصبح قبل أن يغتسل فلا حرج، والصوم صحيح، والنبى صلى الله عليه وسلم كان يأتى أهله ثم يصبح جنبا ويغتسل بعد الصباح صلى الله عليه وسلم أما إن كانت الجنابة في النهار، يعنى جامع أهله فى النهار، فهذا آثم وعاص لربه، والصوم يبطل وعليه كفارة، إذا كان تعمد ذلك عليه كفارة عتق رقبة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، هذه هي الكفارة في حق من أتى أهله فى رمضان فى النهار، وصومه يبطل، وعليه القضاء قضاء ذلك اليوم الذى جامع فيه أهله فى النهار، أما إذا كان الجماع فى الليل ولكنه أصبح جنباً لم يغتسل فلا حرج فى ذلك، وأما عن حكم التقبيل للصائم؟ وإن الجواب هو أنه لا حرج على الزوج أن يقبل زوجته فى نهار رمضان أو أن ينام معها، لكن يتجنب وطأها الجماع.

قد يعجبك ايضا
تعليقات